strong>بعد خمس سنوات على احتلال العراق، لا تزال ارتدادات هزّة هجمة القوات الأميركية على هذا البلد العربي تتمدّد خارج حدود منطقة المعارك، وتفتح جبهات جديدة من أفريقيا الشمالية إلى أوروبا، ومن جبال تورا بورا الأفغانية نزولاً حتى الجزر الإندونيسية
باريس ــ بسّام الطيارة
لا يمرّ يوم إلا وتعلن السلطات الأمنية في عشرات البلدان، التي «طالتها ردات فعل المجاهدين» على احتلال العراق، اكتشافها إما لخلايا نائمة بانتظار الانطلاق بأعمال إرهابية، أو لمجموعات تستعد لتنفيذ هجوم. ويتفق اختصاصيو الإرهاب على أنه لا بلد مستهدف أكثر من بلد آخر من «الجهاديين»، وينظرون إلى موجات التردد الإرهابية كـ«حلقات دائرية معولمة» تسعى إلى ضرب مصالح «الغرب وما يمثله» مهما كان الموقع الجغرافي لهذه المصالح.
ويقول متخصص فرنسي في شؤون الإرهاب إنه «كلما ازدادت الإجراءات الاحترازية توسّعت دائرة المخاطر»، موضحاً أن «التضييق على الشبكات الإرهابية في دول معينة يدفعها لتوسيع رقعة أعمالها لتطال المصالح المستهدفة في دول أخرى».
من برشلونة إلى شمال بريطانيا، مروراً بهولندا وبلجيكا وفرنسا، تطالع الصحف قراءها كل يوم بأخبار القبض على خلايا نائمة أو تستعد للانطلاق بأعمال إرهابية. إلا أن كثيراً من أعمال محاربة الإرهاب تظل في الظل لأسباب أمنية.
وعلمت «الأخبار» من مصادر موثوقة بأن الأجهزة الفرنسية استطاعت قبل أيام الكشف عن خطط لتفجير أماكن عامة ومنشآت «بما فيها مطارات على الأرض الفرنسية»، وكان ذلك عبر المراقبة الإلكترونية والتنصت على المخابرات والرسائل في بلدان عديدة، وخصوصاً في شمال أفريقيا.
وقد أفضت هذه المتابعة إلى القبض على سبعة متهمين بإنشاء علاقة مع مجموعات سلفية ناشطة في المغرب العربي. وعثرت الشرطة على مجموعة من الأسلحة والثياب المرقطة و«كتب أدب جهادي» في مخابئ توزعت في جنوب غرب فرنسا بين كاركاسون وتولوز ومونبيليه.
ويقول أحد المقربين من الأجهزة الأمنية إن استراتيجية ملاحقة الجهاديين تغيرت كثيراً في السنتين الأخيرتين، فبعدما كانت في السابق تعتمد على «التغلغل في نسيج الشبكات الإرهابية» بقصد كشف كل تشعباتها والوصول إلى زعمائها، وخصوصاً فضح سبل تمويلها، فإن «الخطر الداهم اليوم»، بحسب تعبير هذا المصدر، يجبر الأجهزة الأمنية على التدخل حالما تحوم الشبهات حول مجموعة منعاً لأي محاولة قد تفلت من شباك الرصد.
وتقول بعض المصادر المقربة من دوائر رصد الحركات الإرهابية، التي تابعت الاعتقالات الأخيرة، إن عمل «جهاز شرطة مكافحة الإرهاب (DNAT) تميز هذه المرة بأنه جاء من خارج تعاون الأجهزة الأمنية في الدول المعنية» في شمال أفريقيا. وتشير هذه المصادر إلى أنه في معظم الأحوال، المعلومات التي تصل نتيجة تعاون الأجهزة الأمنية في المغرب العربي تأتي لتؤكد المعلومات الملتقطة عبر أجهزة التنصت الفرنسية.
لكن في هذه الحالة، فإن الفرنسيين انتظروا من هذه الأجهزة العربية، ومن الجزائر بالتحديد، تأكيداً لمعلوماتهم، إلا أن التأكيد لم يأت. ويتساءل البعض عما إذا كان الأمر يتعلق بتغيير في استراتيجية الأجهزة الأمنية في دول المغرب، وخصوصاً في ظل «إنشاء مكاتب لأجهزة أمنية أميركية» في دول عديدة، كان آخرها في الجزائر، حيث أعلن إنشاء فرع لمكتب التحقيقات الاتحادي (إف بي آي).