شهيرة سلّوميختتم الرئيس الباكستاني برويز مشرّف، اليوم، زيارة إلى الصين استمرت ستة أيّام، حملت عنوان «تعزيز الروابط بين البلدين وجلب المساعدات المالية» من العملاق الآسيوي، لعلّها تخفّف من وطأة الضغوط الاقتصادية عن باكستان من جهة، وتحسّن صورة الجنرال داخلياً، بعدما تشوّهت بعد عام مليء بالاضطرابات والأحداث على المستوى الأمني والسياسي، أدّت إلى خسارته الغالبية البرلمانية.
الزيارة هي الثامنة لمشرّف إلى الصين منذ تولّى السلطة عام 1999، إلا أنه كان لافتاً مرافقة وزيري الخارجية شاه محمود قريشي والدفاع تشودري أحمد مختار، اللذين ينتميان إلى حزب الشعب الباكستاني الذي استلم السلطة، بعدما تغلّب على حلفاء الرئيس الباكستاني في الانتخابات الأخيرة.
لقاءات الرئيس الباكستاني شملت نظيره الصيني هو جينتاو، إضافة إلى مشاركته في منتدى بواو السنوي في جزيرة هاينان الصينية، الذي أُسّس عام 2001، ويناقش سبل تعزيز التعاون بين الدول الآسيوية لمعالجة التحديات العالمية، وافتتح هذا العام تحت عنوان «آسيا خضراء... التحرّك نحو منافع متبادلة عبر التغيرات».
وتأمل إسلام آباد من زيارة رئيسها أن تحصل على بعض المساعدات المالية كي تحلّ مشكلاتها الاقتصادية مع ارتفاع أسعار السلع الغذائية والنفط، وتمويل مفاعل للطاقة مع تأزّم مشكلة الكهرباء في باكستان، حيث تستند بقوة إلى بكين في مجال التجارة والدفاع والاستثمار، ومن المُتوقّع أن تُختتم بالتوقيع على مجموعة من الاتفاقيات.
وتعود العلاقات بين بكين وإسلام آباد إلى عام 1950، عندما قرّرت باكستان قطع علاقاتها بجمهورية الصين الوطنية في تايوان والاعتراف بجمهورية الصين الشعبية (حينها لم يعترف بها المجتمع الدولي كممثل للشعب الصيني حتى عام 1974، مبقياً على اعترافه بجمهورية الصين في تايوان). وتعزّزت العلاقات أكثر بعد المناوشات الهندية ـــ الصينية، التي تطوّرت إلى قتال عام 1962 على خلفية نزاعهما على منطقة لاداك. وقد نجحت الصين، على مدى عقود، في الحفاظ على علاقتها الجيّدة بباكستان، رغم أنّها عزّزت في الوقت نفسه علاقتها مع العدوّ التاريخي لإسلام آباد، نيودلهي، ودعمتها بقوة في موقفها المناهض للاتحاد السوفياتي لتدخّله في أفغانستان، حيث وجدت فيها قوّة للتوازن أمام الهند والاتحاد السوفياتي السابق.
وقد شاركت بكين في تمويل العديد من المشاريع الباكستانية، ضمنها الطريق السريع كاراكورام، ومحطة شاشما للطاقة النووية، والجهة الثانية من مرفأ كاوادار، وفي تطوير مناجم النحاس في ساينداك، وسدّ الكومال زام، وعدد من مخططات التنقيب عن النفط والغاز.
وفي المجال الدفاعي، عمل البلدان على تطوير الطائرات القتالية «جي أف 17»، فيما تمثّل طائرات «الميغ»، والدبابات والمدفعية والبوارج الصينية جزءاً أساسياً من العتاد العسكري الباكستاني.
في المقابل، تكتسب باكستان بالنسبة للصين أهمية جيواستراتيجية. ويقول مشرّف في محاسن بلاده إنّها «مرفق عبور للعملاق الصيني إلى الأسواق ومصادر الطاقة في وسط آسيا»، حيث يؤدي مرفأ كاوادار دوراً ريادياً على المستوى التقني والمالي.
إلاّ أنّ استثمارات القطاع الخاص الصيني لا تزال ضعيفة إجمالاً في باكستان، لذا تجهد الحكومة الباكستانية لجذب الرساميل الصينية للاستثمار في مجال الطاقة والاتصالات والزراعة ومصانع الأغذية، والعقارات والمواد الخام.
ويمكن أن تمثّل السوق الباكستانية سوقاً حيوياً جذّاباً للمستثمر، نظراً للأيدي العاملة الرخيصة والسوق المحلية الواسعة، والمناخ الاستثماري الودّي بفعل الصورة الجيّدة التي يتمتع بها المستثمر الصيني في الداخل.