بغداد ــ الأخبارشهد العراق، أمس، موجة عنف مفاجئة، عبر سلسلة من التفجيرات بسيارات مفخَّخة، أوقعت نحو 200 ضحية بين قتيل وجريح، فيما انسحب «مجلس الحوار الوطني» من «جبهة التوافق العراقية»، في تظهير جديد لعمق الأزمة السياسيّة في بلاد الرافدين
أعلنت مصادر أمنية في محافظة ديالى عن سقوط 40 قتيلاً على الأقل، وإصابة نحو 90 آخرين بجروح، في انفجار سيارة مفخخة قرب مطعم شعبي في بعقوبة. وفي الأنبار، قُتل 13 شخصاً على الأقل، وأصيب 14 آخرون، بتفجير انتحاري استهدف مطعماً شعبياً غرب مدينة الرمادي. وأدّى هجومان متزامنان، بسيّارتين مفخّختين في الموصل، استهدفا دوريتين للشرطة العراقية وجيش الاحتلال، إلى سقوط نحو 13 شخصاً بين قتيل وجريح. ولم تنجُ العاصمة بغداد من موجة العنف، حيث قُتل شخصان وأصيب ستة آخرون، إثر انفجار سيارة قرب دورية للشرطة في حي الكرّادة. وحصدت أعمال عنف أخرى أرواح 13 عراقياً آخرين، في مختلف أنحاء البلاد، حيث سقط أيضاً نحو 19 جريحاً.
في هذا الوقت، تجدّدت الاشتباكات بين قوات الاحتلال و«جيش المهدي» في مدينة الصدر، حيث قتل عشرة أشخاص على الأقل، وذلك غداة إعلان قيادة الجيش الأميركي عزمها وقف خطّتها لاقتحام ومحاصرة المدينة، والاستعاضة عن ذلك بغارات متواصلة تستهدف كوادر الميليشيات فيها.
وتزامنت التفجيرات مع ظهور تسجيل صوتي لـ«أمير دولة العراق الإسلامية»، التي تضم فصائل مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، أبو عمر البغدادي، كشف فيه عن إبرام اتفاق مع عشائر العرب السنّة، ينصّ على تعهّد «علماء الدين وشيوخ العشائر بحثّ أبناء العشائر السنّية ودعوتهم إلى ترك الجيش والشرطة في دولة الرافضة (الشيعة) وكذلك الصحوات»، على أن «تتعهّد الدولة الإسلامية بإعلان عفو عن كلّ من ترك قتال المجاهدين قبل القدرة عليهم من المنتسبين إلى الجيش والشرطة والصحوات».
على صعيد آخر، أعلن الأمين العام لـ«مجلس الحوار الوطني»، خلف عليان، انسحاب المجلس من «جبهة التوافق العراقية»، التي تضم بالإضافة إليه، «الحزب الإسلامي» و«مؤتمر أهل العراق»، علماً بأنّ «الجبهة» تُعَدّ الائتلاف الأكبر للعرب السنّة المشاركين في العمليّة السياسيّة التي يرعاها الاحتلال.
وأوضح عليان، في مؤتمر صحافي، أنّ المجلس «شعر في الآونة الأخيرة بعدم جدوى وفائدة بقائه»، وأنّه «رغب في الخروج من التخندق الطائفي المقيت». وكشف عن أنه يدرس «إقامة تجمع مبني على مشاركة الجميع أو الدخول مع كتلة أخرى» غير طائفية. وقال العليان إنّ أعضاء مجلس الحوار «وافقوا بالإجماع على الانسحاب من الجبهة مبدئياً، وهذا يعدّ خياراً مطروحاً ضمن مجموعة من الخيارات الأخرى». وأضاف: «ما دام الحزب الإسلامي (الذي يرأسه نائب رئيس البلاد طارق الهاشمي) موجود في جبهة التوافق، فإنّها ستبقى متهمة بالطائفية، ولكي ننهي هذه الحجة، قرّرنا الانسحاب».
من جهتها، رأت «جبهة التوافق»، على لسان المتحدث باسمها سليم الجبوري، أن «انسحاب أي طرف لن يؤثر أو يغيّر في سياستنا».
وفي ما يبدو أنه محاولة لتأكيد حصة وزاريّة في حال تأليف حكومة جديدة برئاسة نوري المالكي، شدّد الأمين العام لـ«حركة صحوة العراق»، أحمد بزيع أبو ريشة، على دعمه للحكومة «في ما يتعلق باتخاذ القرارات المهمة والحساسة». وأشار بزيع، في تصريح صحافي، إلى أنّ «مجالس الصحوات وُجدت لقتال القاعدة، أما حركة صحوة العراق فهي كيان سياسي تربطه علاقات طيبة مع كل الكتل والأحزاب السياسية في العراق».
في هذا الوقت، بدأ المالكي، أمس، زيارة إلى العاصمة البلجيكية، بروكسل، بمرافقة وفد سياسي وأمني ونفطي، تلبية لدعوة وجهها إليه رئيس المفوضية الأوروبية، خوسيه مانويل باروسو.
بدوره، أعلن رئيس الوزراء البريطاني، غوردن براون، تجميد خطة خفض قوات بلاده من 4000 إلى 2500 بحلول أواخر الصيف، على خلفية الحوادث الأخيرة في البصرة. وقال، في مقابلة مع شبكة «سي بي أس» البريطانية، «لن نخفض أعداد قواتنا قبل أن نتأكد من أننا نتطوّر في اتجاه الديموقراطيّة (في العراق) بطريقة مستقرة».
إلى ذلك، أعلن الجيش الأميركي مقتل أحد جنوده، بانفجار عبوة ناسفة في محافظة صلاح الدين شمالي بغداد.