لم يشأ الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد، التحدُّث في الملف النووي خلال زيارته لمدينة قم، أمس، رغم تزامنها مع اجتماع مجموعة الدول الست في شنغهاي، التي تداولت في هذه القضية. لكنه شنَّ هجوماً نارياً على معارضيه السياسيين، متعهداً «بقطع أيادي أولئك الذين يتلاعبون بأموال الدولة». في هذا الوقت، طلب المرشد الأعلى للثورة، آية الله علي خامنئي، من القوّات المسلّحة البقاء على أعلى درجات الاستعداد للدفاع عن البلاد. ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية «إرنا» عن خامنئي دعوته الجيش للمحافظة على استعداده «والبقاء في أعلى المستويات». وقال خامنئي، خلال استقباله كبار قادة الجيش، عشية الاحتفال بيوم الجيش (اليوم)، إن «مهمة القوات المسلحة هي الدفاع عن سيادة إيران»، مشدداً على ضرورة الحفاظ على الروح القتالية لدى كوادر ومنتسبي الجيش. ورأى أن إمكانات الجيش عالية وتتماشى مع متطلبات العصر، «بحيث أصبح محطّ أنظار المراقبين».أما نجاد، فقد اتهم معارضيه بإدارة «مافيا اقتصادية»، والعمل ضدّه للحؤول دون تطبيق برنامجه الاقتصادي، كاشفاً عن أن «تلك الشبكات القوية... قد تسلّلت إلى مراكز القرار والتشريع»، ومشيراً إلى أنّه «عمل طويل الأمد، ولا بدّ من قطع تلك الأيادي واحدة واحدة، وتغيير القوانين، لكن ثمّة مقاومة عنيفة».
كما اتهم الرئيس الإيراني خصومه بمحاولة إطاحة حكومته بالتنسيق مع «الأعداء»، لافتاً إلى أنَّ معارضيه «أكّدوا خلال اجتماع سرّي أنّهم يسيطرون على موارد البلاد المالية والنفطية، وأنّهم سيطيحون الحكومة». كما حمّلهم مسؤولية التضخّم المتسارع الذي تشهده البلاد عبر إدخالهم «كميّات ضخمة من الأموال إلى السوق العقاري، بمساعدة بعض المصارف الخاصّة في الدولة». وبشأن التعديلات الوزارية الأخيرة التي شملت وزيري المال والاقتصاد، قال نجاد: «سأمضي حتى النهاية لتغيير كل الأشخاص الفاسدين واجتثاثهم، وكذلك أولئك الذين يبدون نقصاً في التصميم. لست أخشى شيئاً».
كما شنّ الرئيس الإيراني هجوماً على المصارف العالمية التي تحتفظ بأموال بلاده، بسبب وضعها قيوداً أمام الشركات الإيرانية التي تودُّ الحصول على قروض لتنفيذ مشاريعها.
وأثار نجاد مجدّداً الشكوك في الطابع الإرهابي لاعتداءات 11 أيلول 2001، التي وصفها بـ«المشبوهة»، وأنّ واشنطن «اتخذتها حجّة لمهاجمة أفغانستان والعراق». وحمل على «النظام العالمي» قائلاً: «لدينا مهمّتان: بناء إيران وتصحيح وضع العالم، ومن المستحيل بلوغ ذروة التقدّم من دون تغيير نظام العالم الفاسد والجائر». وأكّد أنّ بلاده «ستمضي حتى النهاية من أجل القضاء على قيادة العالم الفاسدة».
وفي بكين، أوضح مساعد وزير الخارجية الصيني، هي يافي، أنّ «أعضاء مجلس الأمن الدولي الدائمي العضوية وألمانيا (مجموعة 5+1) توصّلوا إلى اتفاق بشأن نقاط الاقتراح الذي سيقدّم إلى طهران، لكن هناك بعض المسائل العالقة التي ما زال ينبغي حلها» في اجتماعهم المغلق في شنغهاي، مضيفاً: «حين يُتوصّل إلى اتفاق بشأن هذا الاقتراح، سيبلّغ إلى الطرف الإيراني». وأعرب المسؤول الصيني عن أمله أن يتجاوب «حينذاك الطرف الإيراني معه، ويقدّم مساهماته للتوصّل إلى تسوية جيّدة». ولفت إلى أنّ «الجميع اتفقوا على متابعة الجهود الدبلوماسية»، من دون أن يحدّد موعداً لاستئناف المفاوضات مع طهران. إلاّ أنّه أوضح أنّ «جدول أعمال المفاوضات ينبغي أن ينصّ على حلّ شامل ودائم ومناسب، يشمل البرنامج النووي والسياسة والأمن والاقتصاد».
ومن جهته، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، شون ماكورماك، أن الدول الست الكبرى بحثت في شنغهاي في «تشجيع» إيران على العودة إلى طاولة المفاوضات.
وقال المتحدث إن مندوبي الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين وألمانيا «التزموا توصيات وزراء الخارجية، وبحثوا الجانب التشجيعي في المعادلة».
واستبعد ماكورماك عقوبات دولية جديدة على إيران في المدى القصير. وقال: «صدّقنا أخيراً على قرار في مجلس الأمن الدولي»، مضيفاً «لا بد من توازن بين النهجين، التشجيعي والعقابي».
وتداول مندوبو مجموعة الست، على مستوى نوّاب وزراء الخارجية، وليوم واحد، رزمة الحوافز السياسية والأمنية والاقتصادية التي ستقدّم إلى طهران لحثّها على وقف تخصيب اليورانيوم.
(أ ف ب، أ ب، يو بي آي)