نيويورك ــ نزار عبودتمثّل أفريقيا 61 في المئة من مشاغل مجلس الأمن الدولي وعمله اليومي. وفيها يعمل 75 في المئة من قوات حفظ السلام الدولية في العالم. ومع التزاحم الاستعماري على إعادة السيطرة على القارة السوداء، انتشرت النزاعات التي تغذيها التدخلات الخارجية وتسلّحها. وبدا عمل الأمم المتحدة كالإطفائي الذي يستخدم الزيت في عمله بسبب تضارب المصالح. لذا رفض السودان، ودول أفريقية أخرى، أن تُستخدم المنظمة الدولية لإرسال قوات أجنبية من خارج القارة إلى أراضيها. ولكي لا تبقى عمليات حفظ السلام أداة في يد الدول الطامعة في القارة، ومن أجل توطيد العلاقة بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والمنظمات الإقليمية الأخرى، نظّمت جنوب أفريقيا، بصفتها الرئيس الحالي لمجلس الأمن، اجتماعاً للدول الأعضاء الـ15 في المجلس، يقابلهم ممثّلو الدول الأفريقية الأعضاء في مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، وبحضور 15 دولة أخرى معنية. ولوحظ أن التمثيل الأميركي اقتصر على مستوى المندوب في مجلس الأمن الدولي، زلماي خليل زاد.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، في الجلسة، إن «منع النزاعات وإنهاءها سلمياً لا يزالان الأولوية المشتركة بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، وإن المنظمتين اتخذتا بالفعل خطوات أساسية باتجاه العمل معاً في قضايا الأمن والسلم، بما في ذلك إرسال مبعوثين، والوساطة في قضايا الحدود، وتطوير أجهزة إنذار مبكر، وبناء القدرات لمنع نشوب النزاعات».
ورحّب بان بإعلان الحكومة الكينية تأليف الحكومة الائتلافية الجديدة، بينما أعرب عن قلقه إزاء الوضع في زيمبابوي. وأضاف أن «صدقية العملية الديموقراطية في أفريقيا في خطر، وإذا ما كانت هناك جولة أخرى من الانتخابات، يجب إجراؤها بطريقة نزيهة وشفافة بوجود مراقبين دوليين، وأحث السلطات في المجموعة الإنمائية للجنوب الأفريقي على مواصلة جهودها».
وتحدث في المجلس 45 من الزعماء والوزراء، من جنوب أفريقيا إلى اليابان، أبرزهم، رئيس جنوب أفريقيا ثابو مبيكي ورئيس وزراء بريطانيا غوردون براون، الذي رأى أن عمل الاتحاد الأفريقي «يحتاج إلى مزيد من الدعم، وعلينا تقديم المساعدة».
وبحث المؤتمر قدرة المنظمات على رسم خطط التمويل وعلى تحصيل الموارد المالية المنتظمة. وقال ثابو مبيكي إن الأمين العام للأمم المتحدة سينشئ، خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، لجنة رفيعة المستوى من شخصيات من الأمم المتحدة ومن الاتحاد الأفريقي، ويتقدم بعدها باقتراحات محددة بشأن خطة العمل، سواء لتعزيز فاعلية الاتحاد الأفريقي أو بالنسبة إلى العلاقة بينه وبين المنظمة الدولية.
المؤتمر بحث أيضاً فكرة إنشاء مكاتب سياسية ميدانية تواكب عمل المنظمات الإقليمية القريبة، كذلك التوصل إلى رؤى مشتركة بشأن الأوضاع الأمنية ومساعي الوساطة الجارية في شأن فض النزاعات والحروب. وبموجب برنامج العمل وتوصيات الأمين العام، فإنه عند نشوب نزاع، أو فشل وساطة دولية ــــ إقليمية في منع نشوبه، تجري المشاورات بين الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية وفق دور يحدّد لهذه الغاية.
وبعد جلسة مطوّلة دامت حتى وقت متأخر مساءً، اعتمد مجلس الأمن بالإجماع القرار 1809 الذي قدمته جنوب أفريقيا. والقرار المؤلّف من 16 فقرة عاملة، ينادي بخطة عشرية لبناء قدرات الاتحاد الأفريقي بالتركيز أساساً على السلم والأمن، بعد تشغيل قوات الطوارئ العسكرية الأفريقية المزمع تأليفها، ويدعو الأمانة العامة للأمم المتحدة، بالتنسيق مع مفوضية الاتحاد الأفريقي، إلى «وضع قائمة بالاحتياجات من القدرات، وتوصيات بشأن السبل التي تمكّن الاتحاد من مواصلة تنمية قدراته العسكرية والتقنية واللوجستية والإدارية».
الطموحات كبيرة، لكن الدول مهتمة بالنجاح بالنظر إلى الحاجة الغربية والإقليمية لاحتواء ظاهرتي التطرف والإرهاب. وفي الرؤية الدولية، فإن الدول الفاشلة ومناطق النزاعات الدائمة تولّد تربة خصبة لتفريخ الإرهاب وانتشاره.