اتفاق تاريخي ومفاجئ توصّل إليه أكبر حزبين في تركيا، وأكثرهما تنافراً، وهما حزب «العدالة والتنمية» الحاكم (يمين وسط)، و«حزب الشعب الجمهوري» المعارض (يسار وسط)، قضى بإعادة اعتبار يوم الأوّل من أيّار (عيد العمّال العالمي) من كل عام، «عيداً وطنيّاً»، وذلك بعد 28 عاماً على إلغائه. وكان الأوّل من أيّار مدرجاً على لائحة الأعياد الوطنيّة بين عامي 1935 و1980 تحت اسم «عيد الربيع ومهرجان الزهور». اسم تعمّد التمويه، لكي لا يحمل المعنى الطبقي الذي تكتسبه المناسبة العالميّة. وفي 12 أيلول من عام 1980، وبعد انقلاب العسكر بقيادة قائد الجيش كنعان آفرين، أُلغي العيد. المهمّ أنّ خلفيات ذلك الانقلاب وجذوره، مرتبطة عضويّاً بهذه المناسبة. ففي الأوّل من أيار عام 1977، وخلال تظاهرة حاشدة، وقعت مجزرة ارتكبتها عصابات اليمين المتطرّف أودت بحياة أكثر من 34 يساريّاً وعاملاً في ما بات معروفاً عند الأتراك بأنه اليوم الأكثر دمويّة في تاريخ تركيا الحديث. وذهب ضحيّة القتال الأهلي بين اليمين واليسار في غضون ثلاث سنوات نحو 5000 مواطن، فجاء انقلاب عام 1980 ليضع حدّاً لهذه الحرب الأهليّة ولموجة العنف الطائفيّة بين الأتراك السنّة والعلويين وسط الأناضول خصوصاً. ومنذ ذلك التاريخ، تكرّرت محاولات نواب الأحزاب اليسارية والاشتراكيّة الديموقراطية لإعادة ذلك العيد إلى قائمة المناسبات الرسميّة التي لا يشغلها سوى 4: 23 نيسان: عيد الأطفال، و30 آب: عيد النصر (حرب الاستقلال التي قادها أتاتورك)، و 29 تشرين الأوّل: عيد استقلال الجمهوريّة، وأخيراً 10 تشرين الثاني، وهو ذكرى وفاة أتاتورك. غير أنّ معارضة الأحزاب اليمينية أدّت إلى إحباط جميع المحاولات «العمّاليّة».
أمّا «التسوية» الجديدة بين حزبي السلطة والمعارضة، فعبّر عنها النائب عن الحزب الإسلامي آغا كافكاس الذي تقدّم باقتراح قانون إلى البرلمان لإعادة الاعتبار إلى يوم العمّال تحت اسم «يوم الوحدة والتضامن».
وكشف كافكاس أن حزبه فوّض إليه تقديم اقتراح القانون، الذي توقع أن تقرّه اللجنة القانونية الخاصة قبل أن يصوت عليه النواب في أول جلسة عامة يعقدونها. وبرّر النائب اقتراحه بـ«ضرورة تغيير السمعة السيئة لهذا التاريخ» (في إشارة إلى أحداث عام 1977).
وأوّل من أمس، أصدر رئيس كتلة نوّاب حزب المعارضة الأقوى، بياناً كشف فيه عن دعمه لاقتراح قانون «العدالة والتنمية»، وعن قرار الحزب التصويت له، مؤكّداً أنّ السعي الآن سيتركّز على عقد جلسة برلمانية عامّة لإقرار القانون قبل موعد الأوّل من أيّار.
(الأخبار)