strong>معمر عطويلا يبدو أن قرارات العقوبات التي صدرت عن مجلس الأمن الدولي، إضافة إلى الضغوط الاقتصادية الغربية على إيران، قد مثّلت نهاية التاريخ بالنسبة إلى الجمهورية الإسلامية؛ فالحراك السياسي الدولي، الذي تقوم به جمهورية الملالي، قد تجاوز «إخوة الدين» والجوار إلى الضفة الأخرى من العالم، حيث تتأسس كتلة من الدول اليسارية بقيادة فنزويلا لمواجهة الوحش الأميركي. وربما حاولت الجمهورية الإسلامية، من خلال تعزيز نفوذها السياسي وتطوير مصالحها الاقتصادية في الحديقة الخلفية للولايات المتحدة، تحقيق توازن مع عدوها «الشيطان الأكبر»، في وقت تنتشر فيه قواعد الاحتلال الأميركي على مقربة من الشواطئ الإيرانية في الخليج.
لذلك كانت تلك العلاقات الاقتصادية، نتيجة حتمية للتشابكات السياسية، المتولدة من لعبة المحاور بين معسكرين «معسكر الخير» و«معسكر الشر»، حسب التعبير الأميركي، فيما يرى المعسكر الآخر أن أميركا هي من يقود سياسة الهيمنة و«البلطجة» في العالم.
لعل أحد أهم إفرازات هذه العلاقات، إعلان شركة نفط «بتروفارس» الإيرانية أمس، رفع مستوى التعاون مع شركة النفط الفنزويلية وتأسيس شركة موحدة، من أجل زيادة ورفع مستوى التعاون بين البلدين. تعاون يتركز حالياًً على مجال توسيع عدد من قطاعات حقل نفط «اياكوتشو» في الدولة اللاتينية.
ومن الطبيعي أن هذه الاتفاقات ما كانت لتتم لولا العلاقة القوية «الأخوية» التي تربط بين الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، الذي يقود قوى المعارضة للمشروع الأميركي ـــــ الصهيوني في المنطقة، ونظيره الفنزويلي هوغو تشافيز، الذي شدد خلال زيارة إلى طهران في تشرين الثاني الماضي على أن « البلدين سيتمكنان معاً من هزيمة إمبريالية أميركا الشمالية».
وفي أيلول الماضي، وقّع الرئيسان خلال زيارة قام بها نجاد إلى كاراكاس، 33 اتفاقية اقتصادية بقيمة ثمانية مليارات دولار، تشمل إقامة مصانع سيارات وشاحنات ومُجمَّع للبتروكيميائيات. كما تتضمن تمكين طهران من العمل في حقول النفط في فنزويلا، التي تقوم بدورها بمدّ إيران بالبنزين، الذي تستورد منه إيران أكثر من ثلث حاجاتها بسبب ضعف وسائل التكرير لديها.
ولم تتوقف طموحات طهران عند عتبة كاراكاس، بل تجاوزتها إلى غيرها من دول أميركا اللاتينية، حيث زار نجاد بعض هذه الدول.
هذه الزيارات آتت ثمارها من خلال توقيع الإكوادور اتفاقاً لتعزيز الاستثمارات والتبادل التجاري مع إيران: منها استثمارات إيرانية في مشروع ميناء بتكلفة 350 مليون دولار ومحطة لتوليد الكهرباء بطاقة المياه بتكلفة 120 مليون دولار.
كما حصلت كوبا، القلعة الشيوعية الحصينة في مواجهة الولايات المتحدة في بحر الكاريبي، على استثمارات إيرانية في مشروعات للبنية الأساسية والإنشاءات وتفاوضت على عقود لتوريد تكنولوجيا طبية إلى إيران.
وكان وزير التجارة الإيراني، سيد مسعود مير كاظمي، قد أبدى العام الماضي، خلال مؤتمر لدول عدم الانحياز في هافانا، استعداد بلاده للإسهام في كوبا بخبراتها في مجال الكشف عن البترول في المياه العميقة. كما أبرز إمكان زيادة الاستثمارات في العديد من القطاعات بعد إبرام اتفاق للامتيازات الجمركية بين البلدين.
وعلى خط العلاقات مع مانغوا، صادق مجلس الوزراء الإيراني العام الماضي، على تخصيص قرض بقيمة 150 مليون يورو لنيكاراغوا.
أمّا بوليفيا فقد وقعت العام الماضي مذكرة تفاهم مع طهران في مجال إقامة علاقات سياسية بين البلدين. وانعكست هذه العلاقات على الروابط التجارية والاقتصادية، وخصوصاً في مجالات صناعة الجرارات الزراعية وبناء مصانع إنتاج الألبان.
لقد استطاعت إيران تعويض بعض النقص الذي نتج من قرارت العقوبات الدولية ضدها بسبب برنامجها النووي، مستغلة تراجع اهتمام واشنطن بحديقتها الخلفية من أجل خوض معاركها «النفطية» عبر المحيطات. وبذلك تمكنت من فتح أسواق جديدة وإيجاد استثمارات فقدتها في الجانب الأوروبي.