شهيرة سلّومالجمهوري جون ماكين يتباهى بخبرته العسكرية الميدانية عندما كان جندياً في فيتنام وأُسر لست سنوات. أما الديموقراطية هيلاري كلينتون، فهي السيدة الأولى السابقة لثماني سنوات (من عام 1993 حتى 2001) التي رافقت زوجها بيل كلينتون في أدق المراحل السياسية، ثم كانت عضواً في لجنة الخدمات المسلّحة في مجلس الشيوخ.
إلاّ أنّ أوباما رأى أنّ «الخبرة في واشنطن لا تعني معرفة العالم. فعندما تقول هيلاري إنّها التقت قادة ثمانين بلداً، أعرف ما هي هذه الرحلات، لأنّني مررت بها. تذهب من المطار إلى السفارة، ومجموعة من الأطفال تؤدّي لك الرقصة الوطنية، تلتقي بمدير مركز الاستخبارات المركزية والسفارة، ويعطوك ملخّصاً عن البلد، ثم تذهب بجولة وتعود إلى بلادك». وأضاف: «تُعيد الشيء نفسه في ثمانين بلداً، هذا لا يعني أنّك تعرف هذه البلاد. لذا، عندما أقول إنني عشت في إندونيسيا لأربع سنوات، وأنتمي إلى عائلة فقيرة عاشت في قرية صغيرة في كينيا، فإن معرفة الزعماء لا تكفي. أنا أعرف الشعب. لقد سافرت إلى باكستان عندما كنت في الجامعة، وتعرّفت إلى السنّة والشيعة قبل أن أنضم إلى لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ».
لقد جال أوباما في البلاد المضطربة. مرّ بباكستان خلال مرحلة الجامعة عام 1981(السنة التي تحوّل فيها من جامعة «أوكسيدانتال كوليدج» إلى «كولومبيا يونيفرسيتي»). حينها كان في زيارة لوالدته وشقيقته مايا في إندونيسا، وانتقل بعدها إلى كراتشي برفقة صديق باكستاني من الجامعة محمد حسن شاندو، ومكث عند عائلة صديقه ثلاثة أسابيع، ثم قام بزيارة حيدر آباد الجنوبية على الحدود مع الهند.
ويروي أوباما حكايته مع باكستان في مقابلة مع «النيوزويك»، نُشرت الأسبوع الماضي. يقول: «حينها كانت هناك حكومة عسكرية، ومشاكل فساد، وبطالة، وطبقة رأسمالية حاكمة مرتبطة بالاقتصاد الدولي، بلد لديه معطيات كثيرة تشبه ما كان موجوداً في إندونيسيا وكينيا، أمكنني مراقبة الحياة الإقطاعية، ليس في علاقتها مع السياسة والاقتصاد، ولكن عايشت الفلاحين الذين كانوا ملزمين بالخدمة، ومالكي الأراضي، وحيث كانت الحداثة تسير جنباً إلى جنب مع أساليب عيش واقتصاديات جامدة لم تتغيّر لقرون». ويتابع: «الأهم في سياستنا الخارجية ليس العلاقات مع الحكام، بل مع الناس العاديين في كفاحهم ومعاناتهم».
ويستطرد أوباما مسلّطاً الضوء على أسباب فشل السياسة الخارجية الأميركية بوقائع تُقنع الشريحة الأكبر من ناخبيه. ويقول: «في بلد كباكستان، إذا لم نفكّر في الفلاحين، وعمال المصانع في كراتشي، وفكّرنا فقط في طبقة البرلمان المتخرّجة من أوكسفورد، فحتماً سنسيء فهم هذا البلد وسنفشل». هذا البلد الذي تخوض واشنطن فيه حرباً ضدّ الإرهاب، وحيث يدعو المرشح الرئاسي إلى ملاحقة «القاعدة» وتوجيه ضربة عسكرية له، ولكن «بالتلازم مع رفع مستوى المعيشة وخلق الفرص للباكستانيين لحثّهم على التعاون ضدّ الإرهابيين».
استطاع أوباما أن يبعث بالرسالة التالية: لا تكفي الجولات الخارجية كي تحصّل الخبرة المطلوبة، الأهم «معاينة المشكلة عن قرب»، حينها «تستحق أن تكون رئيساً للدولة الأقوى في العالم. فهناك فرق شاسع بين التمايل مع الموسيقى عبر الاستماع إليها والمشاركة في الرقص».