انتقلت المواجهة داخل المشهد السياسي الإيراني من محور الإصلاحيين ــ المحافظين، إلى داخل التيار المحافظ الحاكم، حيث وجّه الرئيس محمود أحمدي نجاد انتقاداً شديد اللهجة إلى رئيس مجلس الشورى (البرلمان)، غلام علي حداد عادل، على خلفية نزاع تشريعي. في هذا الوقت، أنهى مفتش الأمم المتحدة، أولي هاينونن، محادثات «إيجابية» في العاصمة الإيرانية، لتوضيح إشكاليات الملف النووي، الذي قال عنه وزير الدفاع الأميركي، روبيرت غيتس، إنّه قد يتحوّل إلى سلاح نووي، ما «يُبقي الخيار العسكري على الطاولة».واتهم الرئيس الإيراني، في رسالة نشرتها صحيفة «الأبرار»، رئيس البرلمان، بارتكاب خطأ عدم إخطار أجهزة الحكومة بثلاثة تشريعات أجازها البرلمان، قائلاً: «كان من الواجب على رئيس البرلمان أن يستوثق من معلوماته».
وخاطب نجاد، بلهجة تهكّمية، عادل قائلاً: «ألم يكن من الأفضل لك أن تقتطع من وقتك ثلاث دقائق وتتصّل هاتفياً بالإدارة القانونية لمكتب الرئيس؟»، متسائلاً: «لماذا كل هذا التعجّل؟ هل من العدل وضع ضغوط من دون سند على الحكومة، وهي الواقعة تحت ضغوط بالفعل من جانب كل المُفسدين الطغاة لسعيها إلى تحقيق العدالة؟».
وأفادت صحيفتا «كرقوزاران» و«سرمايه» المعتدلتان بأن هجوم الرئيس ناجم عن اشتباهه في أن عادل يتدخل في عمل الحكومة.
وفي السياق، ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية «إرنا» أنّ نجاد عيّن بديلاً مؤقتاً لوزير الاقتصاد والمال، داوود دانيش جعفري (محافظ معتدل) الذي أبعده عن منصبه قبل نحو أسبوعين، على خلفية نزاع بينهما، وهو أستاذ الاقتصاد الجامعي حسين سمسامي، الذي سيشغل المنصب حتى تعيين وزير جديد من جانب الرئيس يصدّق على تعيينه البرلمان.
من جهة أخرى، أنهى هاينونن محادثات استمرت يومين مع المسؤولين الإيرانيين في مقر مؤسسة الطاقة الذرية الإيرانية، وذلك بهدف الاستفسار عن صحة التقارير الغربية التي تفيد بأن طهران درست سراً كيفية تصميم قنابل نووية.
ووصف مسؤول نووي إيراني رفيع المستوى، طلب عدم الإفصاح عن اسمه، لوكالة «رويترز»، المحادثات مع هاينونن بأنها «كانت إيجابية».
ولم ينف مصدر مسؤول أن المحادثات قد تطرقت إلى «الدراسات المزعومة» من أجل امتلاك أسلحة نووية. لكنه أكد أن «الدراسات المزعومة» تعدّ منتهية من وجهة نظر إيران، وأن طهران قدمت تقويمها بهذا الصدد للوكالة.
وكان خبراء وكالة الطاقة والمسؤولون الإيرانيون قد عقدوا محادثاتهم خلف الأبواب المغلقة، من دون أن يصدر عنهم أي تصريح.
إلى ذلك، قال روبرت غيتس، خلال كلمة أمام متخرّجي الأكاديمية العسكرية الأميركية في وست بوينت في ولاية نيويورك، إنّ حرباً مع إيران ستكون «كارثية على عدد من المستويات»، إلاّ أنّه رأى أنّه «يتعيّن على واشنطن أن تبقي الخيار العسكري على الطاولة، بالنظر إلى ما ينتهجه النظام الإيراني، والمخاطر الكامنة في تهديد إيراني مستقبلي».
وجدّد غيتس اتهامه طهران بأنّها تدعم الإرهاب وتصرّ على السلاح النووي، قائلاً: «هي قوّة مزعزعة للاستقرار في أرجاء الشرق الأوسط وجنوب غرب آسيا، وفي تقديري، فإنّها مصمّمة بقوّة على حيازة أسلحة نووية».
من جهة ثانية، حضّ أمير قطر، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، في مؤتمر صحافي مع المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، في برلين، الأطراف المعنية في الملف النووي الإيراني على «الجلوس معاً والتحاور، لأنّ العقوبات تعطي مفاعيل عكسية». وقال: «طهران دولة مجاورة ومهمّة بالنسبة إلينا، كما واشنطن شريك مهم. ولهذا ننصح كل الأطراف بالجلوس معاً لتسوية المشكلة».
(أ ف ب، رويترز، أ ب، إرنا)