باريس ــ بسّام الطيارةبعد سنوات من العزلة التي وضع فيها كيم إيل سونغ كوريا الشمالية، ونتيجة لانهيار «الحليف السوفياتي»، وبسبب الضغوط الغربية من جهة، والمجاعة وانهيار اقتصادها الداخلي المتقوقع، فتحت بيونغ يانغ فسحات، ولو ضيقة جداً، للتواصل مع العالم الخارجي، وبدأت أخبار ما وراء الستار الكوري الحديدي تخرج إلى العلن.
ومن أغرب هذه القصص قصة «المخطوفات اليابانيات»، إذ كشف بعض العملاء الكوريين الفارين من الشمال عن أن النظام عمد في السبعينيات إلى خطف عدد من اليابانيات بهدف «تدريب العملاء الكوريين على التخاطب والتحادث بلغة يابانية صحيحة» وتعلم عادات الشعب الياباني من أجل دس جواسيس.
واعترفت السلطات الكورية الشمالية بشكل غير مباشر بالأمر ونسبته إلى عصابات، وادعت أن المخطوفات توفّين من دون أن تعطي أدلة علمية على ذلك، بينما تقول بعض التسريبات إن هؤلاء اليابانيات قد تزوجن وتمنعهن السلطات من العودة إلى بلدهم اليابان. إلا أنه يبدو اليوم أن فاصلاً جديداً في قصة المخطوفات يفتتح بعدما أعلن موظف كبير في رئاسة الوزراء اليابانية، تسوتومو نيشي أوقا، أن في عداد المخطوفات لدى الكوريين «نساءً من جنسيات متعددة»، وذكر منهن عدداً من اللبنانيات والإيطاليات والفرنسيات، إلى جانب بعض الهولنديات والرومانيات.
والجدير بالذكر أن أول حديث عن «عملية الخطف المنظمة للنساء» من السلطات الكورية خرج من بيروت، إذ ذكرت الزميلة «النهار» في عددها الصادر في ٩ تشرين الأول ١٩٧٩ أن أربع نساء لبنانيات قد خطفن قبل أن تعاد لهن حريتهن. وقد ذكرن أنهن تعرفن إلى عدد من النساء الأجنبيات في مركز تدريب على التجسس، منهن بعض الفرنسيات والإيطاليات. ولا يستطيع أحد تأكيد ما إذا كانت بعض اللبنانيات ما زلن موجودات رهائن في بيونغ يانغ، علماً بأن السلطات الفرنسية لم تؤكد رسمياً وجود فرنسيات، رغم أن إحدى العميلات لجأت في مطلع التسعينيات إلى سفارة الولايات المتحدة في فيينا، وأشارت إلى «لقائها مع فرنسية خلال سجنها في دار الضيوف» التي كان يديرها جهاز المخابرات الذي كان يرأسه كيم إيل سونغ.
وتشير السلطات اليابانية إلى وجود ١٧ مخطوفة، استناداً إلى اعتراف كيم يونغ إيل نفسه عام ٢٠٠٢ بعدما لمّحت له اليابان بمساعدات تزيد على عشرة مليارات دولار وإفراجه عن خمسة مخطوفين. إلا أن أرقام الجمعيات اليابانية المهتمة بهذا الأمر تشير إلى أن الرقم يفوق المئات وأنه، بحسب اعترافات الرهائن اللواتي أفرج عنهن، فإن المخطوفين ينتمون إلى جنسيات عدة، وبينهم لبنانيات.
وتقول بعض الأوساط إن وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير بدأ يهتم بهذا الملف بسبب بعده الإنساني وبسبب وجود فرنسيات بين المخطوفات، وإن بعض الدوائر اليابانية تحضر ملفاً كاملاً لوضعه في متناول الدول المهتمة بالأمر.