حسمت حركة «حماس» رسميّاً قرارها بالتهدئة في قطاع غزّة أولاً، بعدما سلّمت القاهرة موافقتها، وسط ارتياب إسرائيلي في أن تكون التهدئة لمصلحة تعزيز مكانة الحركة الإسلامية، بانتظار الزيارة المرتقبة لرئيس الاستخبارات المصريّة عمر سليمان إلى تل أبيب
القاهرة ــ خالد محمود رمضان
غزة ــ رائد لافي
رام الله ــ أحمد شاكر

تسلّم رئيس الاستخبارات المصريّة عمر سليمان، لدى اجتماعه بوفد يمثل «حماس» برئاسة محمود الزهار في القاهرة، أمس، الموقف النهائي للحركة الإسلامية من الخطة التي وضعتها مصر للتهدئة بين الفلسطينيين والإسرائيليين من أجل وقف العدوان وفك الحصار عن الشعب الفلسطيني وتحريك الجمود في عملية السلام.
وأبلغ الوفد القاهرة الموافقة على أن يكون هناك وقف تام لإطلاق النار في قطاع غزة، على أن يمتد لاحقاً إلى الضفة الغربية. كما أعلنت «حماس» موافقتها على صفقة لتبادل الإفراج عن مئات الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، في مقابل إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط.
ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط عن مسؤول مصري قوله «إن حماس قبلت بوقف متبادل لإطلاق النار مع إسرائيل، يمتد لأشهر في غزة، موافقة على استثناء الضفة الغربية منه». إلا أنه رفض الكشف عن الاتفاق حول كيفية إدارة معبر رفح بين مصر والقطاع. وقال إن «نجاح مصر في تحقيق التهدئة سينعكس إيجاباً على ملفّات كثيرة، من أهمها وقف العدوان وفك الحصار على الشعب الفلسطيني وتهيئة الأجواء لنجاح المفاوضات الإسرائيلية ــ الفلسطينية الدائرة حالياً واستئناف الحوار الفلسطيني ــ الفلسطيني وإتمام تبادل الأسرى».
وفي السياق، أكدت مصادر فلسطينية مطّلعة لـ«الأخبار»، أن سليمان سيجري اتصالات مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس وحركة الجهاد الإسلامي، لوضعهما في صورة ما تم التوصل إليه خلال الاجتماعات الأخيرة مع «حماس»، والاتصالات مع إسرائيل.
وأشارت المصادر إلى أن وفد «حماس» قدّم لمصر تصوراً مقبولاً حول إدارة معبر رفح، موضحة أن «كل العقبات أمام فتح المعبر قد حلّت، وهناك موافقة من قبل السلطة وحماس ومصر، إلا أن الجانب الإسرائيلي يصرّ على أن يتمّ افتتاح المعبر في إطار اتفاق للتهدئة».
وبيّنت المصادر أن سليمان سينقل مواقف «حماس» إلى الولايات المتحدة وإسرائيل، اللتين سيزورهما خلال الأيام المقبلة، مؤكدةً أن رئيس شعبة الاستخبارات في وزارة الدفاع الإسرائيلية عاموس جلعاد سيصل إلى القاهرة بعد يومين لتسليم مصر ردّ إسرائيل على قضية التهدئة.
وذكرت المصادر أنه إذا نجحت القاهرة في تحقيق التهدئة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، فسيكون هناك جهد مصري لوضع حد للانقسام الداخلي الفلسطيني.
ورغم قبول «حماس»، بدت إسرائيل مرتابة، إذ قال مصدر أمني إسرائيلي، لموقع «معاريف» الإلكتروني، إن «الخشية الأساسية تتمثّل في أن هذا الاتفاق سيسمح لحماس بأن تبدو كجهة مؤثرة لا يمكن تجاهلها كما كانت تريد إسرائيل، الأمر الذي سيخدم مصالحها في هذه المرحلة، ويعزّزها في الشارع الفلسطيني وفي الدول العربية، وسينتج منه اقتناع بأن الاستثمار في الجناح العسكري لحماس أمر مثير للاهتمام».
وقال المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت، مارك ريغيف، «لا يمكننا أن نقبل فترة هدوء ليكون هو الهدوء الذي يسبق العاصفة».
وقالت صحيفة «هآرتس» إن إسرائيل ستردّ على موقف «حماس» خلال أيام، وسترد «على الهدوء بهدوء»، ممتنعة عن شن أي نشاط هجومي في القطاع إذا ما امتنعت «حماس» عن شن هجماتها على النقب. وأوضحت أن الشروط الإسرائيلية للتهدئة تتضمن الوقف التام لإطلاق صواريخ «القسام» من قبل «حماس» وكل الفصائل الفلسطينية في القطاع، ووقف تهريب السلاح وعدم انسحاب التهدئة على الضفة، بحيث يتاح للجيش الإسرائيلي مواصلة حملات الاعتقال هناك. كما «ستدرس إسرائيل الوضع لفترة معينة، فإذا تمت المحافظة على الهدوء تنظر في خطوات مثل تخفيف الحصار الاقتصادي على القطاع».
من جهة أخرى، وبعد إعلان الأمم المتحدة أن وكالاتها استهلكت مخزونها من الوقود، وستضطر إلى وقف توزيع الأغذية إذا امتنعت إسرائيل عن تزويد غزة بهذه المادة الحيوية، وافق موزعو وقود فلسطينيون في القطاع على تقديم شحنة طارئة.
وقال عضو رابطة أصحاب محطات البنزين في قطاع غزة، محمود الخزندار، إنه سيتم تسليم شحنة من 50 ألف ليتر من وقود الديزل إلى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين التابعة للأمم المتحدة (أونروا).
ودعت المفوّضية الأوروبية إسرائيل إلى استئناف تزويد قطاع غزة بالمحروقات، معتبرة أن احتمال توقّف وكالات الأمم المتحدة عن توزيع الأغذية بسبب نفاد الوقود أو الديزل، هو أمر «غير مقبول».
وقال المفوض الأوروبي للتنمية لوي ميشال، في بيان، «ليس مقبولاً أن تبحث الأمم المتحدة تعليق عملياتها الإنسانية لمجرد نفاد المحروقات في سياراتها». وأضاف إنه «من الضروري أن يستأنف تزويد غزة بالمحروقات».
وفي سياق العمل على رفع الحصار، قالت «حماس» إنها ستنظم مسيرتين حاشدتين اليوم الجمعة أمام معبري رفح على الحدود الفلسطينية ــ المصرية جنوب قطاع غزة، وإيريز الإسرائيلي شمال القطاع.
ميدانياً، استشهد مسنّ فلسطيني هو داوود الكفارنة، وأصيب 11 آخرون بجروح متفاوتة، بينهم مدنيون ومقاومون، في عمليتي توغّل منفصلتين، وعمليات قصف جوي ومدفعي، نفّذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي أمس في شمال القطاع وجنوبه.
وأعلنت «كتائب القسام»، الذراع العسكرية لحركة «حماس»، أنها قنصت جندياً إسرائيلياً شرق بيت حانون شمال قطاع غزة.