strong>رغم أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أتمّ أول من أمس عامه الأوّل في الحكم، إلا أن هذه الفترة البسيطة كانت كافية لتبدو كعقدين من الزمن لكثرة ما حيك حول الرجل من قصص، ولما أثاره من أخذ ورد بشأن سياسته أو حياته الشخصية، إضافة لكل ما فعله منذ احتل الساحة الإعلامية بزخم قوي
باريس ــ بسّام الطيارة
اعترف الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، في مداخلة تلفزيونية أول من أمس لمناسبة مرور سنة على انتخابه، بأنه «ارتكب بعض الأخطاء»، إلا أنه أصر على أنه «سيحافظ على خط سياسته الذي انتخب على أساسه».
وفي مداخلة مزجت بين النبرة الديغولية والتململ من ضغوط الصحافيين ووسائل الإعلام، حاول ساركوزي أن يجيب عن تساؤلات المواطن الفرنسي عبر ضربة باردة وضربة ساخنة إرضاءً لكل التيارات؛ فسعى إلى تبرير تراجع القوة الشرائية بقوله إن «الأسعار ارتفعت في الوقت نفسه الذي ارتفع فيه اليورو». واعترف بأن «قول عكس هذا كان كذبة جميلة»، إلا أنه أعاد تصويب سهامه نحو النظام الفرنسي حين ادعى أن «مشكلة فرنسا هي أننا لا نعمل كفاية»، وأنه يمكن رفع القوة الشرائية بما يعادل ٥ مليارات يورو في السنة عن طريق الساعات الإضافية، التي يمكن أن تزيد من معدل النمو العام.
وتجاهل الرئيس الفرنسي كون العديد من النقابات ترى في مسألة الساعات الإضافية عائقاً أمام خلق فرص عمل ومحاربة البطالة. إلا أنه أعلن بعد ذلك، أنه سيسن قانوناً لتوزيع أرباح الشركات الكبرى، وهو ما وضع أكثر من علامة استفهام عن كيفية إجبار الشركات على ذلك في ظل القوانين الحالية لنظام يزداد ليبرالية منذ وصول ساركوزي إلى الإليزيه.
وفي السياق، وعد ساركوزي بزيادة «مدخول التعاضد الاجتماعي» الذي يوزع على المحتاجين، رغم أنه يردّد منذ أشهر أن صناديق الدولة فارغة. وبعد ذلك عاد إلى الطروحات الليبرالية ليعلن أن على العاطل عن العمل القبول بتراجع مدخوله بعد ثلاثة أشهر. وحاول تقديم التراجع عن سحب بطاقات المواصلات للعائلات على أنه مساهمة من الدولة لمحاربة تراجع القوة الشرائية. ثم انتقل إلى ملف الهجرة، فأكد أنه رغم تظاهرات المهاجرين غير الشرعيين، فإنه لن يقبل بتسوية أوضاعهم، واضعاً اللوم على «أرباب العمل الذين يقبلون بتشغيلهم» لتوفير قيمة الضمان الاجتماعي الإجباري، في حين أن ٢٢ في المئة من المهاجرين الشرعيين عاطلون عن العمل. ومر ساركوزي مرور الكرام على أزمة التربية وإضرابات أساتذة المدارس بقوله إن «النتائج لا تأتي بزيادة عدد الأساتذة»، أي إنه أكد برنامج إنقاص عدد المعلمين الذي دفع بالطلبة والأساتذة والجمعيات الأهلية إلى الشوارع، وإن وعد بتحسين البرامج.
وبعدما نفى وجود أي توتر ضمن «أكثريته»، انتقل الرئيس الفرنسي إلى السياسة الخارجية ليقول إنه «صدم بما حصل في التيبت، وإنه قال ذلك للرئيس الصيني»، مؤكداً أن «لا أحد يطالب باستقلال التيبت»، ومشيراً إلى مقولة وزير خارجيته برنار كوشنير «لا يمكن أن نكون تيبتيين أكثر من التيبتيين». ولكنه امتنع عن تأكيد حضوره افتتاح الألعاب الأولمبية.
أما في ما يتعلق بأفغانستان، فقد أعلن ساركوزي أن الغرب في حرب ضد «طالبان» وأنه من غير المقبول أن تعود الحركة لحكم الشعب الأفغاني. وأكد أن «٩٠ في المئة من الأفغان مع القوات الغربية، ينتظرون مؤازرتها ومساعدتها».
وفي القضية الفلسطينية، كان موقف ساركوزي «إسرائيلياً أكثر من الإسرائيليين»، بحسب أكثر من مراقب، فقد أعلن أنه بحكم موقعه كرئيس للدولة لا يستطيع «التخاطب مع حماس. لا يستطيع التخاطب مع أشخاص قالوا إنهم يريدون محو إسرائيل من الخريطة، كما هو الأمر بالنسبة للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد».
وقد لوحظ غياب الملف اللبناني عن مداخلة ساركوزي الاحتفالية.