strong>شهيرة سلّوميمثل مشروع اتفاق السلام بين الحكومة الباكستانية الفتيّة والمتمرّدين الموالين لتنظيم «القاعدة» انقلاباً على «استراتيجية برويز مشرّف» لمكافحة الإرهاب، المدعومة من واشنطن، التي اعترضت على «سلام لن يُجدي»، لأنّه يُحيّد باكستان عن حربها ويُفرّغ عناصر «القاعدة» لضرب قوّاتها وقوّات الأطلسي خارج الحدود.
وأعلنت الحكومة الباكستانية، التي يتزعمها حزب «الشعب»، منذ البداية نياتها الانقلابية على استراتيجية «فاشلة» على جميع الأصعدة، وفي مقدمها «الحرب على الإرهاب»، رغم العلاقات الوثيقة لرئيسة الحزب الراحلة بنازير بوتو مع واشنطن، فهي فضلت السعي إلى تحقيق الاستقرار السياسي من خلال السلام كي تتفرّغ لمعالجة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، ولا سيما أنّها لم تجد ما يُغريها كي تستمر بالمشاركة في حرب «حليف يصدّها» (واشنطن) ويفضّل غريمها التقليدي مشرّف.
فعندما أرادت الحكومة «العدالة» لزعيمتها، ردّت واشنطن بأنّ التحقيق الذي أجراه مشرّف في اغتيال بوتو كافٍ «ولا داعي للذهاب أكثر من ذلك». ولعلّ تضارب موقف الطرفين من اغتيال بوتو هو ما دفع إلى الانقلاب (واشنطن تتهم الزعيم الباشتوني المتمرّد الموالي لـ«القاعدة» بيعة الله محسود باغتيال بوتو، و«الشعب» يسعى إلى لجنة تحقيق دولية ويوجه أصابع الاتهام إلى النظام وأجهزته الاستخباراتية).
وفي إجراء ممكن وضعه في إطار امتعاضها من وجهة الاتهام الأميركية، توصلت الحكومة إلى صياغة «مسودة اتفاقية سلام» من 15 نقطة مع بيعة الله تتضمن معالجة قضايا حساسة (بينها إطلاق سراح بعض عناصره المسجونين لدى باكستان ضمن صفقة تبادلية، وانسحاب الجيش الباكستاني من المناطق القبلية وتعويض أسر ضحايا المواجهات الدامية بين الطرفين، وكفّ الحكومة عن ملاحقة واعتقال زعماء القبائل المرتبطين بحركة «طالبان» باكستان).
وإضافة إلى اغتيال بوتو، تعكس اتفاقية السلام بوادر «اقتناع لدى القادة الجدد» بأنّ هذه الحرب ليست حربهم مع تراجع شعبيتها الناتج عن الخسائر الفادحة التي لحقت بالبلاد. لذلك لجأت إلى الإعلان عن «استراتيجية بديلة» لمكافحة الإرهاب، أعطتها بعداً تنموياً وثقافياً وتهدف إلى جعل بلادها آمنة.
استراتيجية قد تكون «سياسة فك ارتباط» مع حرب أميركا في أفغانستان. فرغم إعلان الحكومة شراكتها الفعلية في حرب الأطلسي في أفغانستان واستعدادها للمساعدة، ولكن حدود هذه المساعدة «ينحصر بالعمليات التي يشنّها المتمرّدون عبر الحدود الأفغانية ـــــ الباكستانية»، وبالتالي، إن توصلت إلى حلّ هذه المشكلة بالسلام، عندها تكون قد قدّمت التزاماتها بهذا الشأن.
ولهذا تخشى واشنطن السلام، فهي لا تريد «فك الارتباط»، وتسعى إلى الإبقاء على باكستان شريكاً وأداة لتنفيذ حروبها، واستخدام جيشها لمحاربة «أعدائها». وتقول إنّ تجربة «السلام مع القاعدة» فاشلة، بناءً على تجربة اتفاق السلام الذي وقّعته حكومة مشرّف مع المتمرّدين عام 2005، والذي قالت إنّه سمح لهذا التنظيم ببناء «الجنّة الآمنة» في المناطق القبلية المحاذية لأفغانستان.
واشنطن اليوم تواجه التحدّي نفسه، فكيف سينعكس هذا في علاقتها مع الحكّام الجدد في باكستان؟