strong>باتت الادّعاءات الأميركية بعمل سوريا على بناء مفاعل نووي بمساعدة كوريا الشمالية في عهدة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي تعهّدت بالتحقيق في «الاتهامات الخطيرة»، فيما نفت دمشق مجدّداً ما أوردته واشنطن، واتهمتها بإعطاء الضوء الأخضر لإسرائيل لشنّ الغارة في أيلول الماضي على المنشأة في دير الزورأعلن مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، محمد البرادعي، أن «ادعاءات الاستخبارات الأميركية بأن سوريا أقامت سرّاً مفاعلاً نووياً بمساعدة من كوريا الشمالية هي مزاعم خطيرة يجري تحقيق شامل بشأنها». وأضاف، في بيان، «ستنظر الوكالة إلى هذه المعلومات بالجدية التي تستحقها وتتحرى عن دقة المعلومات».
وأكد البرادعي أن واشنطن سلّمت معلومات تفيد بأن منشأة سورية دمّرتها غارة جوية إسرائيلية في أيلول الماضي لم ترق إلى حد كونها مفاعلاً نووياً مكتملاً. وقال «وفقاً لهذه المعلومات، فإن المفاعل لم يكن بعد في حالة تشغيل ولم يتم إدخال أي مادة نووية إليه». غير أنه أضاف أن «سوريا ملزمة بموجب معاهدة حظر الانتشار النووي مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بإخطار الوكالة مسبقاً بأي خطط وأي أنشطة لبناء منشأة نووية». وتابع «في ضوء ما سبق فإني اعتبر استخدام القوة بصورة منفردة من جانب إسرائيل تقويضاً لإتمام عملية التحقق على الوجه الأكمل». إلا أنه قال إنه «يأسف في الوقت نفسه لأن الولايات المتحدة لم تنقل هذه المعلومات في حينها إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية في شأن المفاعل لتمكيننا من التحقق من صحتها وتحري الحقائق».
من جهته، أعلن الرئيس السوري بشار الأسد أن المنشأة التي دمرتها الطائرات الإسرائيلية هي موقع عسكري كان قيد الإنشاء وليس بداخله أي عنصر بشري، وهو ليس مفاعلاً نووياً، مشيراً إلى أنه يجهل سبب توجيه هذه الضربة إلى بلاده.
وتساءل الأسد، في حديث لصحيفة «الوطن» القطرية، «لماذا أغاروا علينا؟ لا نعرف. ما هي المعطيات التي كانت لديهم؟... إنهم يعرفون ويرون بالأقمار الاصطناعية، وأغاروا على موقع غير مكتمل ولم يكن يوجد فيه لا عناصر ولا أي شيء. إنه فارغ فعلياً». وأضاف «هل من المعقول أن يكون هناك موقع نووي ليست فيه حماية وليس محمياً بالمضادات؟!».
وتساءل الأسد ساخراً «موقع نووي تحت رؤية الأقمار الاصطناعية في وسط سوريا بالصحراء وفي مكان مفتوح؟ كيف يكون موقعاً نووياً والأقمار الاصطناعية ترى كل يوم كل متر تبنيه وهو يبنى منذ سنوات؟».
ورأى الأسد أن ادّعاء تل أبيب وواشنطن بأن المنشأة كانت مفاعلاً نووياً هو لأن الإسرائيليين والأميركيين «يبحثون عن مبرر ولا يعرفون ما هو هذا الموقع، لكنهم أُربكوا عندما أعلنت سوريا الخبر، وأربكوا عندما رأوا نتائج العدوان على الأرض»، مشيراً إلى أنهم «مرة قالوا إنه موقع نووي، ومرة قالوا إنه موقع إمداد سلاح لحزب الله».
وتساءل «من أين يأتي السلاح لحزب الله؟ أي أنه يأتي من تركيا إلى وسط سوريا إلى لبنان، أو يأتي من العراق من قبل القوات الأميركية إلى وسط سوريا إلى لبنان؟ من أين يأتي، لا ندري».
وفي بيان سوري بثّته وكالة «سانا» الرسمية السورية للأنباء، اتهمت دمشق واشنطن بالتورط في الغارة الإسرائيلية. وكررت نفي الضلوع في أي أنشطة نووية. وقال البيان إن ادعاءات واشنطن تأتي «في إطار حملة التشهير التي تشنها على دمشق». وأضاف «في الوقت الذي ترفض فيه سوريا الادّعاءات الأميركية جملة وتفصيلاً، فإنها تؤكّد أن هذه الحملة التي تقوم بها الإدارة الأميركية تهدف بشكل أساسي إلى تضليل الكونغرس والرأي العام العالمي بادعاءات لتبرير الغارة الإسرائيلية على سوريا في أيلول الماضي».
وأوضح البيان «كانت هذه الإدارة على ما يبدو طرفاً في تنفيذها، كما أصبح واضحاً أن هذا التحرك من جانب الإدارة الأميركية يأتي في إطار المفاوضات المتعلقة بالملف النووي الكوري». وحث البيان واشنطن على «التصرف بمسؤولية والتوقف عن اختلاق مزيد من الأزمات فى الشرق الأوسط الذي ما فتئ يعاني من تداعيات السياسات الأميركية الفاشلة».
إلا أن مسؤولاً أميركياً قال إن واشنطن لم تعط إسرائيل أي ضوء أخضر لشن تلك الغارة. وأوضح أن واشنطن بحثت مع إسرائيل «خيارات سياسية ممكنة بعد اكتشاف بناء المفاعل النووي في سوريا». وأضاف «بعد هذه المحادثات، أخذت إسرائيل في نهاية المطاف قرارها لوحدها بالتحرك. قامت بذلك من دون أي ضوء أخضر من جانبنا. لم يطلبوا منا شيئاً».
وفي باريس، طالبت المتحدثة باسم وزارة الخارجية باسكال أندرياني سوريا بأن «تلقي الضوء على أنشطتها النووية الماضية والحاضرة طبقاً لالتزاماتها الدولية وخصوصاً حيال الوكالة الدولية للطاقة الذرية». وأشارت إلى «شكوك تساورنا حيال بعض الأنشطة التي تقوم بها سوريا»، مضيفة أن «بناء مفاعل نووي سراً سيشكل تخلفاً خطيراً من جانب سوريا لواجباتها المتعلقة بعدم الانتشار» النووي. وختمت «لا نزال قلقين جداً لأنشطة كوريا الشمالية النووية».
وفي السياق، قال كبير المفاوضين الأميركيين في الملف النووي الكوري الشمالي كريستوفر هيل إن كوريا الشمالية وسوريا لم تعودا تتعاونان في القطاع النووي. وأشار، لصحافيين في نيوهافن (كونيكتيكت)، إلى أن «الولايات المتحدة ترى أن لا تعاون حالياً في سوريا في هذا المجال» مع كوريا الشمالية.
إلى ذلك، قال مسؤول كوري جنوبي أمس إن الاتهامات الأميركية ليس من المتوقع أن تخرج محادثات دولية لإنهاء برنامج أسلحة بيونغ يانغ للأسلحة عن مسارها.