يحيى دبوقتصدرت أنباء التطورات على المسار السوري ـــــ الإسرائيلي، بوساطة تركية، واجهة الاهتمامات في إسرائيل، حيث انهمك المراقبون في تلمس الوجهة الإسرائيلية الحقيقية إزاء ما طرحه الرئيس السوري بشار الأسد، لجهة إعلان موافقة إيهود أولمرت على الانسحاب الكامل من هضبة الجولان، في ظل غياب موقف واضح من رئيس الوزراء الإسرائيلي، يحسم اللبس الذي أحاط بهذه المسألة.
ونقلت صحيفة «هآرتس» عن مصادر حكومية إسرائيلية قولها إن «أولمرت قرّر متابعة المحادثات مع سوريا عبر الوساطة التركيّة، بعدما أدرك أنّ الولايات المتّحدة لن تعترض»، مضيفة أنه «إذا ما نجحت الوساطة، فقد تبدأ المحادثات بين سوريا وإسرائيل في عهد (الرئيس جورج) بوش». وقال المصدر الحكومي: «توجد خلافات كبيرة في موقفَيْ الطرفَيْن. فبينما دعا أولمرت إلى محادثات مباشرة وسريّة وفوريّة، من دون وساطات ولا شروط مسبقة، دعا الأسد إلى محادثات علنيّة بوساطة الولايات المتّحدة».
وفي السياق، أكدت «معاريف» أن «أولمرت يرغب في البدء في المفاوضات من نقطة الصفر، فيما تطالب سوريا باستئنافها من حيث توقفت عام 2000 في إطار وديعة رابين»، التي تعهد فيها رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل إسحاق رابين بالانسحاب من الجولان.
في ضوء هذا التباين، كشف المصدر الحكومي عن أن «تركيا تسعى إلى التوصل إلى صيغة توفيقية تتيح بدء المفاوضات».
أما «يديعوت أحرونوت» فنقلت عن «محافل سياسية إسرائيلية رفيعة المستوى» تقديرها أن «أولمرت لا يعتزم الاستجابة لمطلب الأسد بتسليمه وثيقة مدونة يتعهد فيها بإعادة هضبة الجولان إلى سوريا كشرط لبدء المفاوضات». وأضافت أن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان قال السبت إنه يعمل على تحديد لقاء بين شخصيات «مقربة ومخولة جداً» من زعيمَي إسرائيل وسوريا. وحسب «يديعوت»، يفترض باللقاء أن «يشق الطريق إلى قمة بين أولمرت والأسد برعاية تركيا، ولكن استناداً إلى تقدير حذر يمكن القول إن مثل هذا اللقاء لن يخرج إلى حيز التنفيذ».
وخلافاً لما أشارت إليه المصادر الحكومية لـ«هآرتس»، قالت «يديعوت» إن «أغلب الظن، أن الأسد سينتظر تسلم الرئيس الأميركي المقبل مهام منصبه، على فرض أن الإدارة الجديدة ستأخذ على عاتقها إدارة المفاوضات الإسرائيلية ـــــ السورية، وأنه يحتمل أن تنضج القناة التركية إلى درجة عقد لقاء بين مسؤولين كبار من الدولتين».
وبحسب «معاريف»، فإن التقديرات الإسرائيلية تشير إلى أن «المرحلة المقبلة من الاتصالات بين الدولتين قد تكون عقد لقاء في تركيا يشارك فيه، كما هو مفترض، ممثلو أولمرت والأسد، بغية محاولة خلق مسار للمفاوضات بين الطرفين». ونقلت الصحيفة عن مقربين من أولمرت قولهم: «إنّ لقاءً كهذا يمكن أن يُعقَد في غضون أسابيع».
ويجري الحديث في إسرائيل عن نية أولمرت تعيين رئيس الطاقم في مكتبه، يورام طوربوبيتش، مسؤولاً عن اللقاءات الأولية المفترض عقدها مع ممثلين سوريين. وطوربوبيتش هو الموظف الأرفع في مكتب رئيس الحكومة، كما أنه أيضاً أحد الأشخاص الأقوياء والمؤثرين في إسرائيل.
وعلى خلفية المعلومات عن استعداد أولمرت للانسحاب من الجولان، نشبت مشادة كلامية بينه وبين رئيس الليكود، بنيامين نتنياهو، الذي حمل على رئيس الوزراء، متهماً إياه بالتهور، قائلاً: «أنا مندهش جداً من أن رئيس الحكومة يلتزم بإعطاء كل هضبة الجولان حتى قبل أن تبدأ المفاوضات، وفي ذلك تسرُّع».
وأفاد مكتب أولمرت بأن «نتنياهو كان هو الذي أرسل للأسد الأب رجل الأعمال الأميركي (رون لودر) لكي يتخلى باسم شعب إسرائيل عن هضبة الجولان، قبل البدء بأي مفاوضات».
كما أثارت مواقف أولمرت بلبلة في أوساط مستوطني الجولان، الذين تساءلوا كيف يمكن أن تتماشى المعلومات عن تبادل الرسائل بين سوريا وإسرائيل، مع الكلمات الدافئة التي كتبها أولمرت في سجل الزوار لمعرض الصور الذي أُقيم في الهضبة المحتلة، حيث قضى إجازة عيد الفصح. ومما كتبه أولمرت: «أدركت مرة أُخرى لماذا نحب كثيراً قطعة الأرض الساحرة هذه». كلام دفع بالمستوطنين إلى مطالبة أولمرت بـ«الكف عن اللعب بمشاعرنا».