رام الله ــ أحمد شاكرنُكّست الأعلام الفلسطينيّة المرفرفة على سطوح المؤسّسات الرسميّة في مختلف مدن الضفة الغربية، بناءً على قرار أصدره الرئيس محمود عباس، باعتبار أنّ يوم أمس طَبَعَهُ الحداد على أرواح شهداء المجازر الإسرائيليّة في قطاع غزة.
وانطلقت مسيرات شعبيّة كبيرة في مدن الضفة تنديداً بالمجازر، وللمطالبة بوقف المفاوضات مع الدولة العبريّة. وعمّ الإضراب التجاري مختلف المدن والقرى والمخيّمات، حيث أغلقت المحال أبوابها وخفّت حركة السيّارات بشكل ملحوظ، فيما عزّزت قوات الاحتلال من وجودها في محيط مدن وقرى الضفة تحسباً من وصول المسيرات إلى الحواجز.
وللمرّة الأولى منذ سيطرت حركة «حماس» على قطاع غزة في حزيران الماضي، توحّدت رايات الحركة الإسلاميّة وحركة «فتح» في الضفّة في مسيرة نظّمت في رام الله. ورأى فيها مشاركون أنّ «الهجمات الإسرائيلية على غزة تقرّب الوحدة الفلسطينية أكثر في خطابات المسؤولين في الحركتين»، فيما رأى آخرون أنّ مظاهر وحدة الحركتين التي تظهر في الشارع «إنّما هي تعبير عاطفي لا أكثر، والاتهامات المتبادلة بين قادة الحركتين لا تخدم عودة الوحدة بين الجانبين».
وشارك أكثر من 3 آلاف فلسطيني في التظاهرة التي رفعت فيها الرايات الخضراء الحمساويّة، والصفراء الفتحاويّة. وهتف المشاركون للوحدة الوطنية. وقد حمل بعض المتظاهرين راية «فتح» واضعين على رؤوسهم شعار «حماس».
وكانت فتاة تنادي: «يا للعار يا للعار باعوا غزّة بالدولار»، في إشارة إلى ما يراه المشاركون في المسيرة صمتاً عربياً عمّا يجري في القطاع. وأضافت الفتاة: «وحدة وحدة وطنية، فتح وحماس وشعبية»، في ظلّ صدى مكبّر للصوت ردّد فيه شاب عبارة: «ياللي بتدعي للسلام... بكرا بتكتب عالحيطان... متأسّف أنا ندمان».
ووصف نزيه عبد الهادي (41 عاماً)، الذي أمضى أكثر من 10 أعوام في السجون الإسرائيلية، مشهد المسيرة بأنّه «نوع من الانتفاضة على الذات الفلسطينية». وقال: «هذه التظاهرة تعبير عن مدى اقتناع الشارع الفلسطيني بالوحدة، وفي شكل يخالف ما يقوله المسؤولون في فتح وحماس». وذلك فيما السجون الإسرائيلية نفسها لم تخل من الاحتجاجات، حيث أضرب الأسرى الفلسطينيّون عن الطعام احتجاجاً على المجازر في غزة.
أمّا في مدينة الخليل، فقالت مصادر طبيّة فلسطينية إنّ الطفل الفلسطيني (محمود محمد علي عزرا المسالمة 14 عاماً) استشهد برصاص قوّات الاحتلال خلال مواجهات عنيفة مع شبّان فلسطينيّين غاضبين في منطقة بيت عوا قرب بلدة دورا، كانوا يحتجّون على العدوان على غزة. وأوضحت مصادر «الهلال الأحمر» الفلسطيني أنّ 70 مواطناً أُصيبوا بجروح مختلفة تراوحت بين الصدر والبطن خلال المواجهات.
وأشارت المصادر إلى أنّ مواجهات عنيفة اندلعت بين شبان فلسطينيين غاضبين وجنود الاحتلال في منطقة باب الزاوية، وسط الخليل، ومناطق متفرّقة من المدينة، أصيب خلالها أكثر من 20 فلسطينياً بالرصاص المطاطي والقنابل الصوتية والغاز المسيل للدموع.
كذلك أعلنت مصادر طبيّة في مدينة بيت لحم إصابة 3 فلسطينيين في بلدة التقوّع شرقي بيت لحم برصاص الجنود الإسرائيليّين خلال مواجهات بالحجارة.
من ناحيته، أشار مدير تحرير وكالة «معاً» الإخبارية الفلسطينيّة، ناصر اللحام، في حديث لـ«الأخبار»، إلى أنّ الحكومة الإسرائيليّة، برئاسة إيهود أولمرت، «كادت تسقط الأسبوع الماضي، إلّا أنّ الحرب التي بدأها وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، على غزّة أجّلت الأمر إلى حين»، معرباً عن اعتقاده بأنّ حكومة أولمرت لن تصمد إلى ما بعد حزيران المقبل.
وبحسب اللحام، فإنّ الإسرائيليّين سيطلبون من حكومتهم الإجابة عن سؤال «حماس»: «هل يستطيع أولمرت هزيمة حماس عسكرياً أو الاتفاق معها سياسياً على هدنة؟ وإذا كان لا يستطيع هذا أو ذاك، ستبدأ لحظة الحساب العسير». وشدّد على أنّ «المعركة الآن ليست بين الصواريخ الفلسطينيّة والطائرات الإسرائيليّة، بل بين الجبهة الداخلية الفلسطينيّة، المنقسمة شكلياً والموحدة ضمنياً، والجبهة الداخليّة الإسرائيليّة، الموحدة شكلياً والمنقسمة ضمنياً».