بغداد ـ زيد الزبيدييكتنف الشارع العراقي انقسام عموديّ حيال زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى بلاد الرافدين. تناقضٌ ينعكس في كون الزيارة تتمّ بموافقة أميركيّة، وإن كانت «موافقة اضطراريّة»، واعترافاً من واشنطن بنفوذ طهران في بغداد. حتّى إنّ البعض في البلاد، يرى أنّ الزيارة توحي بأنّ الولايات المتحدة ترغب في دخول المجال الإيراني من خلال العراق. وبمعنى آخر، جعل العراق بوّابة للعلاقات بينها وبين الجمهورية الإسلامية، مستدلّين على ذلك بالجولات الثلاث من الاجتماعات التي عُقدت بين البلدين حول أمن العراق.
وتبقى أبرز مظاهر الانقسامات التي رافقت زيارة نجاد، تلك التظاهرات التي عمّت الأنبار وبعقوبة ومختلف المناطق السنيّة، حيث رُدِّدَت شعارات من نوع «نجاد إرهابي»، أو «قذائفك القاتلة سبقت وصولك إلى بغداد».
وفي السياق، رأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، عامر حسن، أنّ زيارة الرئيس الإيراني إلى العراق مرتبطة بـ«المصالح لا بالمبادئ». وأوضح، لـ«الأخبار»، أنّ «المصالح الأميركيّة ـــ الإيرانية تحتلّ رأس القائمة». وأكّد حسن أنّ «إيران تبحث عن مخارج متعدّدة للخروج من أزمتها، ويشكّل العراق أفضل نافذة لتطلّ منها على الولايات المتحدة». ورأى أنّ «إيران هي المستفيد الأوّل من هذا التقارب في ظلّ مشاركتها في إعمار العراق».
وانعكس التناقض في تقييم الزيارة، على الشارع العراقي، أكان حزبيّاً أو طائفياً أو في الإعلام المسيّّس و«المطيَّف». فقد رحّبت معظم الكتل الشيعية عموماً بالزيارة. أمّا صحيفة «الصباح» الرسمية، فرأت أنّ الزيارة بمثابة «تأكيد إقليمي على ضرورة دعم الحكومة والعملية السياسية، وتُعدّ رسالة لجميع رؤساء الدول العربية للانفتاح على العراق»، وهي الرسالة التي جهد نوري المالكي لإيصالها أوّل من أمس.
في المقابل، وجد العرب السنّة أن لدى إيران «مفاتيح» مهمّة للاستقرار الأمني في العراق، إذ قال النائب عن الكتلة العربية للحوار، محمد الدايني، «لولا الترحيب الأميركي والموافقة على زيارة الرئيس الإيراني، لما استطاع نجاد الوصول إلى بغداد».
إلى ذلك، رأت «جبهة التوافق العراقية»، أكبر الكتل السياسية الممثّلة للسنّة العرب، أنّ زيارة الرئيس الإيراني تحمل رسالة مزدوجة؛ الأولى إلى الإدارة الأميركية، والثانية تتمثّل في تأكيد الوجود الإيراني في الساحة العراقية. وأشار عضو الجبهة، النائب ظافر العاني، إلى أنّ الرسالة الأولى «هي بمثابة تحدٍّ للإدارة الأميركية: ففي وقت يأتي فيه الرئيس الأميركي جورج بوش إلى بغداد خلسة ولساعات، يزور الرئيس الإيراني العراق مدّة يومين». وأوضح أن «الرسالة الثانية تعبّر عن النفوذ الإيراني في العراق، ومدى تحكّمه في الوضع الداخلي للبلاد، وكأنّ العراق سيكون الساحة الرئيسية لتصفية الحسابات الأميركية ـــ الإيرانية، إذا أرادت واشنطن الضغط على طهران».
وتساءل العاني عن كيفية قيام نجاد بزيارة العراق ولقائه سياسيين عراقيّين، كان قد وصفهم بـ«الفاسدين»، معتبراً أن «هذه الزيارة أدخلت شرخاً جديداً في الوضع السياسي العراقي المعقّد، بسبب وجود قوى سياسية عديدة لا تشاطر الرئيس جلال الطالباني أو نوري المالكي وغيرهما الرأي في تمكين العلاقة بين البلدين إلى هذا الحدّ». وحمّل إيران «المسؤولية الكبرى باستمرار الاحتلال الأميركي للعراق، وبإضعاف المقاومة الوطنية».