معمر عطوييُمكن وصف القرار الدولي الجديد الذي صدر أول من أمس عن مجلس الأمن في شأن إيران، بـ«القرار المَخرَج» الذي يُخفِّف من درجة الحرج لدى أصدقاء طهران الذين صوتوا معه، وفي الوقت نفسه، يحفظ ماء وجه القوى الغربية ــ بالحد الأدنى ـ لجهة صدقية هذه الدول في تعاطيها مع «التهديد» النووي الإيراني.
من خلال نظرة مقارنة بين القرار 1747 الصادر في آذار 2007 والقرار الجديد الرقم 1803 الصادر أول من أمس، لا يمكن رصد الكثير من الإضافات باستثناء توسيع مروحة الأسماء والشركات التي تخضع للحظر. لكن معظم الفقرات التي وردت في النص الأول بدت كأنها قد نُسِخَت وأُلصقَت في نص القرار الثاني.
ويبدو أن الموقف الأميركي الأكثر تشدداً في هذا المجال، بقي رغم تعنّته، ملجوماً ـ رغماً عنه ـ بتقرير وكالات الاستخبارات الأميركية حول توقيف طهران لبرنامجها النووي التسلّحي.
أما الصين وروسيا فقد سارعتا إلى ترطيب الأجواء مع حليفتهما الإسلامية: الصين أعلنت أن الهدف من القرار الدولي الجديد ليس معاقبة إيران، بل الدفع لاستئناف المفاوضات في الملف النووي.
وذهبت بكين أبعد من ذلك، حين أوضح المتحدث باسم وزارة خارجيتها، كين يانغ، أن العقوبات الجديدة لن تؤثّر على تجارة الصين مع إيران، وأن العلاقة التجارية «طبيعية». مع العلم أن القرار يدعو إلى فرض مزيد من القيود المالية والقيود على السفر ضد أفراد وشركات إيرانية.
إلا أن روسيا بدت أكثر صلابة مع طهران من صديقتها الآسيوية، من خلال تبرير رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الفدرالية، ميخائيل مارغيلوف، القرار بأنه يرجع إلى «عدم تعاون» طهران بدرجة «كافية» مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
هذا التبرير لم يمنع الحليف الروسي من التذكير بتعاون موسكو مع طهران، لكن على لسان مندوب روسيا لدى مجلس الأمن، فيتالي تشوركين، الذي أشار إلى أن توريد روسيا الوقود لمحطة «بوشهر» النووية الإيرانية يُشجّع أيضاً إيران على تليين موقفها.
لعلَّ هذا التذكير المقرون بالإشارة إلى إيجابيات تعاون طهران مع وكالة الطاقة، وفي الوقت نفسه التشديد على أن القرار الدولي الأخير يستبعد بوضوح شن العمليات العسكرية على الجمهورية الإسلامية، يَصبّ في مصلحة ترطيب الأجواء مع طهران بعد الوقوف ضدها في مجلس الأمن.
ترطيب الأجواء هذا عبّرت عنه شركة صناعة الطائرات الروسية، التي سارعت غداة صدور القرار في نيويورك إلى إعلان توقيع عقد تجهيز إيران بـ 100 طائرة ركاب من طراز «تو ـ 204» و «تو ــ 214» في العام المقبل.
في أي حال، قد لا يكون هذا القرار فعالاً لجهة ثني إيران عن السير في برنامجها لتخصيب اليورانيوم، لكن الهدف الأساسي الذي أرادته واشنطن من إبقاء الملف النووي الإيراني في مجلس الأمن بدلاً من إعادته إلى وكالة الطاقة، قد بات متحققاً.