الوزراء العرب يكلّفون موسى العمل على وضع العلاقات السوريّة ـ اللبنانيّة على «المسار الصحيح» القاهرة ـ خالد محمود رمضان
لم ينجح وزراء الخارجية العرب، أمس، في الخروج بموقف جديد من الأزمة اللبنانية، فجدّدوا التمسّك بالمبادرة العربية، التي رأى وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، أنها «واضحة»، وأن الأمين العام للجامعة عمرو موسى يتولّى تنفيذها كـ«خطة متكاملة».
في المقابل، لم تفلح المجازر الإسرائيلية في قطاع غزة في استدراج موقف عربي واضح وحاسم من إسرائيل، فاكتفى الوزراء بتلميح مبهم وخجول بإمكان سحب مبادرة السلام العربية التي أقرّت في قمّة بيروت عام 2002.
وشدّد الوزراء، في بيان أصدروه في ختام اجتماعهم في مقر الجامعة العربية في القاهرة، على «التزام المبادرة العربية لحل الأزمة اللبنانية، ودعوة القيادات السياسية اللبنانية إلى إنجاز انتخاب المرشح التوافقي العماد ميشال سليمان في الموعد المقرر، والاتفاق على أسس تأليف حكومة الوحدة الوطنية في أسرع وقت ممكن». وأشادوا بـ«الجهود التي بذلها الأمين العام تنفيذاً للمبادرة العربية»، وكلّفوه «الاستمرار في هذه الجهود»، داعين «كل الدول العربية إلى دعم جهوده في اتصالاتها بالأطراف اللبنانية وكذلك في اتصالاتها العربية والإقليمية والدولية».
ودعا البيان «قيادات الأكثرية والمعارضة النيابية (اللبنانية) إلى التجاوب مع جهود الأمين العام لتنفيذ المبادرة والتوصل إلى توافق في شأنها من دون إبطاء، وذلك في ضوء ما أُحرز من تقدم في لقاءات الاجتماع الرباعي السابقة»، في إشارة إلى اللقاء الرباعي الذي عقد ثلاث مرات في بيروت، وضم موسى ورئيس التيار الوطني الحر العماد ميشال عون ممثلاً المعارضة، ورئيس كتلة «تيار المستقبل» النائب سعد الحريري، والرئيس السابق أمين الجميّل عن الأغلبية.
كذلك، دعا الوزراء العرب إلى«العمل على وضع العلاقات السورية اللبنانية على المسار الصحيح وبما يحقق مصالح البلدين الشقيقين، وتكليف الامين العام البدء بالعمل على تحقيق ذلك».
من جهته، قال وزير الخارجية السوري، للصحافيين اثر الاجتماع، «تم الاتفاق على تفسير للمبادرة العربية بشأن لبنان»، مضيفاً أن «المبادرة كتبت باللغة العربية وهي مبادرة واضحة والامين العام يقوم بتنفيذها كخطة متكاملة».
ورداً على سؤال عن الجهة اللبنانية التي ستوجه إليها الدعوة لحضور القمة، أعرب عن أمله بمعالجة هذا الموضوع «من خلال الجهود التي سيقوم بها الأمين العام قبل 11 آذار». وأضاف «تم الاتفاق على جدول أعمال القمة المقبلة في دمشق، التي ستعقد في موعدها».
وكان المعلم قد أعلن في وقت سابق أن «الدعوة ستوجّه إلى لبنان لحضور القمة ولبنان يختار من يمثله». إلا أن موسى قال، رداً على أسئلة الصحافيين بعد الاجتماع، إن الدعوة ستوجه إلى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة إذا لم يتم انتخاب رئيس جمهورية قبل القمّة المقرر عقدها في 29 و30 آذار الجاري.
وفي ما يتعلّق بالوضع في الأراضي الفلسطينية، جدد الوزراء الالتزام بالسلام مع إسرائيل كخيار استراتيجي والتمسّك بالمبادرة العربية الداعية لانسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها عام 1967 في مقابل تطبيع كامل للعلاقات معها.
ودعا وزراء الخارجية إسرائيل إلى إبداء «رغبة أكيدة في التوصل إلى سلام عادل وشامل بدلاً من الإمعان في سياسة الحرب الممنهجة (ضد الفلسطينيين)». وشدّدوا على أن «مبادرة السلام العربية لا يجب أن تظل قائمة من دون تجاوب حقيقي من إسرائيل مع طرحها وتنفيذها إلى جانب المرجعيات الدولية الأساسية الاخرى التي لم تحدث التحرك المطلوب».
وأضاف البيان أن مجلس وزراء الخارجية العرب «يدين الجرائم الوحشية التي ترتكبها قوات الاحتلال الاسرائيلية في قطاع غزة وباقي الاراضي الفلسطينية المحتلة والتي أدّت إلى سقوط العديد من الشهداء والجرحى المدنيين وخلفت دماراً واسعاً في المرافق الحيوية في غزة وأصابت الحياة المعيشية اليومية للفلسطينيين بأفدح الخسائر».
ورأى أن ذلك يأتي «في خرق مستمر لكل القوانين الدولية والإنسانية واتفاقيات جنيف الخاصة بمعاملة السكان المدنيين تحت الاحتلال وفي أجواء تهدّد فيها قيادات الاحتلال الاسرائيلي بارتكاب محرقة (هولوكوست) ضد الشعب الفلسطيني، ويسجل هذه الجرائم الاسرائيلية كجرائم حرب وجرائم ضد الانسانية لاتخاذ الإجراءات اللازمة إزاءها».
وفي الشأن العراقي، شدد وزراء الخارجية على أهمية «احترام وحدة العراق وسيادته وهويته العربية والإسلامية ورفض أي دعاوى لتقسيمه مع التأكيد على عدم التدخل في شؤونه الداخلية». لكن القرار طالب بالمساواة بين العراقيين «كأساس لبناء العراق الجديد». وطالبوا حكوماتهم بالاستجابة الفورية لمطلب العراق الخاص بإعادة فتح سفارات الدول العربية المغلقة في بغداد.
وكان الاجتماع قد افتتح بكلمة لوزير الخارجية الجزائري، مراد مدلسي، رئيس الدورة الحالية للمجلس، قال فيها إن «المنطقة العربية لا تزال مسرحاً لأحداث وتطورات متسارعة وبالغة الخطورة على تماسك شعوبها وأمن واستقرار المنطقة برمّتها»، مطالباً «بتوحيد الرؤى وتعميق التشاور في إطار استراتيجية متكاملة لاستنهاض الوعي الجماعي لما يخطط ضدنا بل وضد وجودنا كأمة حاملة لرسالة حضارية قوامها التسامح والتعايش السلمي مع شعوب العالم، وبما يتناسب مع حجم المخاطر والتهديدات».
بدوره لاحظ وزير الخارجية والتعاون الدولي في جيبوتي، محمود على يوسف، الذي تسلّم رئاسة الدورة الجديدة للمجلس، أن «هذه الدورة تأتي وسط ظروف استثنائية تمر بها المنطقة العربية». وطالب بتوحيد الصفوف في ما يخص فلسطين المحتلة. وبخصوص لبنان، أعرب عن أمله «بتوحيد جهود اللبنانيين لوضع حد للاحتقان السياسي ووضع مصلحة لبنان العليا فوق كل اعتبار».
من جهته، شدّد موسى، في كلمته، على أن الدورة الحالية «تعقد وسط التحضيرات المتسارعة لعقد القمة العربية وفي ظل تزايد حجم المخاطر الجسام التي تحيط بالأمة العربية في فلسطين ولبنان والسودان والصومال وما يتعلق بالتهديدات التي تخص الأمن القومي العربي وتزايد قضية صراع الحضارات وتجدد قضية الرسوم المسيئة للرسول الكريم». وشدد على أن «الخلاص العربي من الأزمات الراهنة لا يكون إلا بالتضامن لأنه هو المدخل العربي الحقيقي للتعامل مع هذه التحديات».