شهيد في غزة و«حماس» تتراجع عن تبنّي العمليّة الفدائيّة وإقرار مصري بصعوبة «التهدئة»رام الله ـ أحمد شاكر
غزة ـ رائد لافي
القاهرة ـ الأخبار

فرضت سلطات الاحتلال الإسرائيلي طوقاً أمنياً شاملاً، أمس، على مدن وقرى الضفة الغربية ومدينة القدس المحتلة، بعد العملية الفدائية في مدرسة «مركاز هاراف» في القدس الغربية، في وقت لا يزال الغموض فيه سيد الموقف في ما يخص الجهة التي تقف وراء العملية، ولا سيما بعد تراجع حركة «حماس» عن التبني، فيما راجت معلومات عن اشتراك الحركة و«كتائب أحرار الجليل ـ مجموعة عماد مغنيّة» في تنفيذها.
في هذا الوقت، ساد الترقّب قطاع غزة تحسّباً لموجة جديدة من التصعيد الإسرائيلي، فيما لا يزال الحديث عن «اتفاق تهدئة» سارياً، رغم إقرار القاهرة بصعوبة إتمامه بعد العملية الفدائية أول من أمس.
وقالت مصادر أمنية إسرائيلية إنه تقرر في أعقاب وقوع العملية في القدس فرض طوق أمني شامل على الضفة الغربية حتى غد الأحد على أقل تقدير، ملمِّحة إلى أن هذا الطوق قد يمدد سريان مفعوله.
وفي الضفة الغربية، قال مواطنون لـ«الأخبار» إن قوات الاحتلال شددت إجراءاتها الأمنية بشكل كبير على الحواجز، وعرقلت تحركات الفلسطينيين، وبدت عليهم علامات الغضب والسخط في أعقاب العملية. وأشار هؤلاء إلى أن الجنود الإسرائيليين تعاملوا بوحشية كبيرة معهم، واعتقلوا عدداً منهم للتحقيق.
واعتقلت الشرطة الإسرائيلية أكثر من عشرة فلسطينيين في حي المكبر في القدس الشرقية، الذي كان يقيم فيه منفذ الهجوم. وقالت مصادر إن الشرطة دهمت منزل علاء هشام أبو دهيم (25 عاماً) بعدما أبلغت أسرته أنه منفذ العملية. وأضافت أن معظم الموقوفين أقرباء أو أصدقاء لأبو دهيم.
وتوافد آلاف الإسرائيليين إلى القدس المحتلة للمشاركة في تشييع القتلى الثمانية للعملية. وقال الحاخام ياكوف شابيرا للمعزين، خارج مدرسة «مركاز هاراب»: «حان الوقت بالنسبة إلينا لندرك أن كفاحاً خارجياً وكفاحاً داخلياً يستعران». ودعا إلى «قيادة أقوى» في إسرائيل.
وتركت كتائب «عز الدين القسام» الذراع العسكرية لحركة «حماس»، الباب موارباً إزاء مسؤوليتها عن العملية الفدائية. وفضلت، على لسان المتحدث باسمها «أبو عبيدة»، بعد وقت قصير من إعلان مصدر مسؤول في الحركة لـ«رويترز» المسؤولية عن العملية، ترك الأمر «معلقاً» من دون تأكيد أو نفي.
وقال أبو عبيدة إن «الكتائب لم تصدر أي بيان حتى الآن بتبني عملية القدس الاستشهادية»، مضيفاً: «عندما تتوافر لدينا المعلومات سنعلن موقفنا، مع مباركتنا للعملية».
وقال القيادي في حركة «حماس»، إسماعيل رضوان، إن «الإعلان عن العمليات الفدائية من اختصاص الجناح العسكري»، مشيراً إلى أن «حماس تنتظر بياناً رسمياً من كتائب القسام، وليس لدينا أي معلومات في هذا الخصوص».
وكانت «كتائب أحرار الجليل ـ مجموعات عماد مغنية» قد تبنت العملية. وذكرت وكالة أنباء «معا» الفلسطينية أنها تلقت اتصالاً من الكتائب أوردت فيه حقائق عن العملية، إذ أشارت إلى أن «مجموعة من أحرار الجليل قامت بتخطيط العملية وتوفير السلاح اللازم لها ورصدت وجمعت المعلومات ووفرت اللوازم اللوجستية. ثم تعرف نشطاؤها إلى الاستشهادي، وهو ناشط سابق من حماس، إلا أن الأساس في التعارف أن منفذ العملية كان على علاقة صداقة بالشهيد أحمد محمود الخطيب من كفر مندا، وهو منفذ عملية طعن لجندي في شوارع البلدة القديمة في القدس السنة الماضية، وهو عضو في كتائب أحرار الجليل». وأكّدت «الكتائب» «أن حماس في غزة لم تكن تعلم بالعملية أبداً، وعلى ما يبدو، فإن الجهاز العسكري لحماس في الخارج هو الذي تولى التنسيق».
وكانت «كتائب أحرار الجليل» قد ظهرت للمرة الأولى عام 2003 من خلال تبنيها عملية قتل جندي إسرائيلي، ثم خطف شابة يهودية من طبريا وقتلها. ثم أفل نجمها حتى ظهرت من جديد مع بدايات عام 2007 عندما تبنت محاولة قتل مستوطن وخطف سلاحه في أزقة البلدة القديمة بالقدس، قتل فيها أحمد الخطيب، من الجليل.
ميدانياً، اغتالت قوات الاحتلال الإسرائيلي المقاوم في «كتائب شهداء الأقصى»، نافذ عبد الهادي أبو كرش (41 عاماً). وشارك مئات الفلسطينيين في تشييع الشهيد أبو كرش، وسط صيحات الغضب والتنديد بالعدوان الإسرائيلي المتواصل في القطاع، ودعوات المطالبة بالثأر والانتقام.
وفي مدينة خان يونس، جنوب القطاع، شيعت جماهير غفيرة جثامين ثلاثة شهداء من مقاومي «سرايا القدس»، الذراع العسكرية لحركة «الجهاد الإسلامي»، وهم: سائد علي أبو هداف (18 عاماً)، وفادي أحمد أبو هداف (19 عاماً)، وزكريا سليمان العماوي (21 عاماً).
في هذا الوقت، بدا أن جهود التهدئة في قطاع غزة تعرقلت، رغم إعلان المتحدث باسم الرئاسة، نبيل أبو ردينة، أن وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس أكدت للرئيس الفلسطيني محمود عباس أن واشنطن ستواصل جهودها من أجل التوصل إلى تهدئة.
وفي السياق، أقرّ مسؤول مصري بصعوبة المفاوضات للتوصّل إلى تهدئة بعد عملية القدس. وكشف عن أن حركتي «حماس» و«الجهاد» تطالبان بضمانات لالتزام إسرائيل بالهدنة، لكنه رأى أن عملية القدس ألقت بظلال قاتمة على مستقبل المفاوضات وإمكان أن تؤدي إلى هدنة لوقف العمليات العسكرية المتبادلة. وأشار إلى أن «حماس» مصممة على المشاركة في إدارة معبر رفح على اعتبار أنها القوة الوحيدة الموجودة في القطاع. في المقابل تقول إسرائيل إن مشاركة «حماس» في المعابر يعني ضمنياً اعتراف إسرائيل بها.