في حركة الجهاد الإسلامي محمد شحادة الذي داهمت قوات الاحتلال منزله مباشرة بعد اكتشاف هوية المقاوم الشهيد. وقالت المصادر الأمنية الفلسطينية إنه بات في الآونة الأخيرة متعاوناً مع حزب الله.وفي بيروت، رفض حزب الله التعليق على كل هذه الأنباء، واكتفت وسائل الإعلام التابعة له بالإشارة تكراراً إلى البيان الصادر عن كتائب أحرار الجليل ـ مجموعات الشهيد عماد مغنية باعتبارها المسؤولة عن العملية، مع توضيحات لقيادات عسكرية من حماس تنفي إعلانها المسؤولية عن ذلك، علماً بأن المقاوم الشهيد من أسرة يميل معظم أفرادها إلى حركة حماس.
وبمراقبة التعامل الإسرائيلي الأمني والسياسي والإعلامي مع الحادثة، لوحظ أن تل أبيب انتقلت من مرحلة التشكيك في وجود منظمة اسمها كتائب أحرار الجليل إلى مرحلة الإشارة إلى صلة لحزب الله، من خلال الترويج للاحتمال بوصفه الأكثر واقعية، مع ملاحظة مسارعة قيادات عسكرية ومصادر إعلامية قريبة من المؤسسة العسكرية للحديث عن «جهوزية الجيش لمواجهة أي تصعيد ممكن على الجبهة الشمالية مع سوريا ولبنان كما مع غزة في الجنوب».
ونقلت القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي عن مراسل عسكري أن المؤسسة الأمنية تبحث في احتمال أن يكون حزب الله هو من أرسل منفّذ العملية. وإذ بدا تقرير المراسل خالياً من أي تفاصيل، فإنّ القناة الأولى تحدثت عن أن منفّذ العملية «تحرك بتوجيهات خارجية، والاحتمال العالي هو أن هذه الجهة هي حزب الله». وأضافت القناة نقلاً عن مراسل للشؤون العربية قوله «هناك بصمة لحزب الله. وبصمات أصابع حزب الله في كل مكان، وهو يستطيع أن يحرك مجموعات في إسرائيل والمناطق الفلسطينية، ولديه خلايا هنا. وبالتساوق مع كلامه، ورد على شاشة القناة الآتي: «التقدير في إسرائيل أن حزب الله هو من أرسل المخرّب»، ثم سرعان ما ظهر مراسل الشؤون العربية في القناة الثانية، إيهود يعري ليقول إن «تشغيل المخرّب لم يكن من جانب منظمة موجودة هنا، بل من جانب إحدى المنظمات في الخارج، ومن الممكن أن تكون قيادتها في دمشق أو بالتنسيق مع حزب الله»... حتى بدا في لحظة واحدة أن هناك توجّهاً واضحاً لدى المؤسستين الأمنية والعسكرية في إسرائيل لتوجيه أصابع الاتهام إلى حزب الله.
وفي هذا الإطار، تحدث مراسل الشؤون العسكرية في القناة العاشرة، ألون بن دافيد، المقرّب جداً من الجهات الأمنية والعسكرية عن «شعور غير مألوف موجود، فلسنا في وضع سهل على الجبهات الثلاث». وأضاف: «في غزة نحن في حرب معلنة ومكشوفة، وفي الوسط أيضا بوادر انتفاضة شعبية، ونحن بانتظار رد حزب الله الأكيد على اغتيال مغنية، ويجب أن نذكر أنه اغتيل على الأراضي السورية. لذلك فإن من المرجح أن يكون الرد منسقاً مع سوريا وكذلك مع إيران، وفي الجيش يجهّزون لكل شيء، وقد بقي لنا أسبوعان حتى تأتي الذكرى الأربعون لمغنية».
أما المراسل العسكري للقناة الثانية روني دانيئيل فقال، نقلاً عن مصادر عسكرية دون أن يسميها، إن «التهديد الرئيسي هو من طرف إيران، وهناك توتر على الحدود الشمالية، وهناك أيضاًَ خشية من أن يحاول حزب الله إقفال الحساب في موضوع مغنية. ومع اقتراب ذكرى الأربعين، سوف يجري تشديد الاستنفار. وفي الخلاصة، فإن العام الجاري سيكون العام الأشد قسوة وتصعيداً من الناحية الأمنية.
أحرار الجليل
وبالعودة إلى تفاصيل ما حصل، كان لافتاً أوّلاً أنّ موقع صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، وتلفزيون المنار اللبناني، ووكالة «معا» الفلسطينية لـ«الأخبار»، قد تلقّى كلّ منها مكالمة هاتفية من «متحدث بلهجة فلسطينية واضحة»، أعلن خلالها مسؤولية «كتائب أحرار الجليل ـ مجموعات عماد مغنية» عن عملية القدس. ثم سرعان ما بدأت تحليلات الجهات الإسرائيلية ومعلوماتها عن هذه المنظمة.
وبحسب وكالة «معا» الفلسطينية، فإنه و«في الثامنة والنصف من مساء الخميس، نفّذ فلسطيني يدعى علاء هاشم أبو دهيم من جبل المكبّر في القدس عملية اقتحام فردية لمدرسة حاخامية غرب القدس، وكان أبو دهيم، وهو من مواليد عام 1982 ويحمل هوية مقدسية، يحمل معه رشاشاً أوتوماتيكياً من نوع كلاشنيكوف و6 مخازن ذخيرة، دخل إلى المدرسة بكل سهولة، وصعد إلى المكتبة واتخذ مكاناً بين خزانات الكتب وأخذ يطلق النار في كل اتجاه حتى انتهت ذخيرته. وبعد أن قتل وجرح العشرات، حاول الفرار. إلا أنّ ضابطاً في الجيش الإسرائيلي تقدم نحوه وأصابه، وبعدها وصل مندوبان من الاستخبارات الإسرائيلية وأجهزا عليه».
وأضاف تقرير الوكالة أنها تلقّت أمس «اتصالاً خاصاً أكد مسؤولية الكتائب عن الهجوم، وأنها قدمت حقائق تبدو منطقية جداً، وفيها أن مجموعة من أحرار الجليل قامت بتخطيط العملية وتوفير السلاح اللازم لها، ورصدت وجمعت المعلومات والسلاح، ووفّرت اللوازم اللوجستية. ثم تعرّف نشطاء أحرار الجليل على الاستشهادي، وهو ناشط سابق من حماس. (إلا أن الأساس في التعارف هو أن منفذ العملية كان على علاقة صداقة بالشهيد أحمد محمود الخطيب من كفر مندا، الذي طعن جندياً في شوارع البلدة القديمة في القدس السنة الماضية، وهو عضو في كتائب أحرار الجليل). وأكدت أحرار الجليل أنها لا تريد إعلان اسم الفصيل الثاني المشارك في العملية، لأن الإعلان يجب أن يكون من طرف ذلك الفصيل وفق الظروف الأمنية والسياسية التي يراها مناسبة». وحسب الوكالة، فإن المصدر أفادها بأن «التخطيط للعملية استغرق عشرة أيام فقط».
يشار إلى أن المجموعة نفسها كانت قد أعلنت قبل أيام مسؤوليتها عن قتل إسرائيلي ورميه على شاطئ جنوبي حيفا، وذلك بعد وقت طويل على صمتها، علماً بأنه في عام 2003 كان أول ظهور رسمي لهذه الكتائب من خلال تبنّيها عملية قتل جندي إسرائيلي، ثم خطف شابة يهودية من طبريا وقتلها، تلا ذلك القبض على أحد أعضائها أثناء محاولته قتل جندي إسرائيلي في منطقة الجليل، واعترافه بالانتماء إلى الكتائب. ثم عادت وبرزت إلى العلن بداية عام 2007 عندما تبنّت محاولة قتل مستوطن وخطف سلاحه في أزقة البلدة القديمة في القدس، والتي قتل فيها، أحمد الخطيب، من الجليل.