أرنست خوري
يذهب ممثّلو الدول الـ57 التي تؤلّف منظّمة المؤتمر الإسلامي إلى قمّتهم السنويّة التي ستنعقد يومي غد وبعد غد في عاصمة السنغال، داكار، وعلى جدول أعمالهم، هموم العالم الإسلامي، من أفغانستان إلى العراق وفلسطين واندماج المسلمين في مجتمعات هم أقليّات فيها... لكن يبدو أنّ الوفد التركي، الذي يتقدّمه الرئيس عبد الله غول ووزير الخارجيّة علي باباجان، همّه في مكان آخر، تحديداً في حشد إجماع إسلامي للاعتراف باستقلال كوسوفو.
فبحسب صحيفة «زمان» التركيّة، سعى باباجان، الموجود في داكار منذ 3 أيّام، إلى فعل المستحيل عبر اجتماعات وضغوط للدفع باتجاه إصدار بيان بالإجماع، يدعم استقلال الدولة المسلمة الأوروبيّة الوليدة، علماً بأنّ أنقرة كانت من بين أولى العواصم التي سارعت إلى الترحيب باستقلال الإقليم الصربي والاعتراف به.
وهنا ظهرت مشاكل عديدة؛ فالمنظّمة الإسلاميّة لا تزال منظّمة غير اندماجيّة، بمعنى أنّ الكلمة الأولى والأخيرة فيها تبقى بيد دولها، لا كما هو حاصل في اتّحادات اندماجيّة، كالاتحاد الأوروبي.
ولأنّ الدول التي تؤلف المنظّمة الإسلاميّة تعاني نزعات انفصاليّة عديدة، فقد عارضت معظمها استقلال كوسوفو، أو على الأقلّ امتنعت غالبيتها عن الاعتراف بها. لذلك، لم يعترف ببريشتينا حتّى اليوم سوى ثلاث دول إسلاميّة: تركيا وأفغانستان والسنغال. وكشفت مصادر شاركت في الاجتماعات التمهيديّة للقمّة عن أنّ المسعى التركي يواجه معارضة شديدة من مصر وإندونيسيا وأذربيجان والسودان.
وكأنّ تركيا تعوّل في مسعاها على وجود تركيّ على رأس المنظّمة. فأكمل الدين إحسان أوغلو، سارع في 19 شباط الماضي، أي بعد يومين فقط من إعلان برلمان كوسوفو الاستقلال، إلى الترحيب بالدولة الجديدة، مشيراً إلى أنّها «تعبّر عن الأصالة الإسلاميّة». ووصف أوغلو الإعلان بأنه «نهاية سعيدة للصراع التاريخي للكوسوفيّين ونحن (البيان صدر عنه بوصفه رئيس المنظّمة، لكنّه لم يصدر خلال اجتماع لممثّلي أعضائها) ندعم أشقّاءنا هناك ونتمنّى أن يتبع استقلالهم تحسّن لحركتنا الإسلاميّة».
وأمام المساعي التركيّة، برز ما كشفه أحد الرسميّين المشاركين في القمّة، عن أنّ هناك أطرافاً تطرح بديلاً للبيان المقترَح للاعتراف بالاستقلال، يقوم على إصدار بيان بالإجماع يكتفي بالإعراب عن التضامن مع شعب كوسوفو «من دون تشجيع الدول الإسلاميّة على الاعتراف بها». ومن الممكن اعتبار أنّ مشاركة غول في القمّة تنسجم مع هدف تزخيم مبادرة بلاده، وخصوصاً أنّ النفوذ التركي في كوسوفو من خلال الأقلية التركيّة التي تعيش هناك كبير ومعروف، كذلك هو شأن الأقلية الكوسوفيّة التي تعيش في تركيا. نفوذ وصل بالأمر إلى حدّ أنّ عَلَم كوسوفو الجديد، صُمِّم وطُبع في تركيا، ونُقل إلى بريشتينا عشيّة 17 شباط، حسبما كشفت صحيفة «حرييت».