شهيرة سلّومانتصار حزب «الشعب» الباكستاني في الانتخابات التشريعية الشهر الماضي، كرّس آصف زرداري، أرمل زعيمته الراحلة بنازير بوتو، صاحب القرار الحاسم على الساحة السياسية الباكستانية، رغم تاريخه، الذي لا يوحي بالتفاؤل أو الثقة.
آصف زرداري هو ابن الصناعي الباكستاني حكيم علي زرداري، وزعيم قبيلة زرداري. تأهل من بوتو عام 1987 ورُزق منها ثلاثة أولاد، هم بيلاوال وباختار وآصيفة. كانت عائلته مفلسة تماماً في ذلك الحين. وعندما وصلت بوتو إلى السلطة، انقلب حظه المالي المتعثر رأساً على عقب. مظاهر البذخ التي ظهرت عليه قد لا تُثير ريبة زوجته الأرستقراطية. إلا أنها أثارت حيرة السلطات الباكستانية: أُقيلت زوجته في حكومتها الأولى على خلفية تهم فساد.
ولم يكن زرداري «زوج الست»، بل تبوّأ مناصب عديدة. كان نائباً في الجمعية العامة، ثم أصبح وزيراً للبيئة في ولاية زوجته الثانية من رئاسة الحكومة. أعطته دوراً بارزاً في جلب الاستثمارات الأجنبية. دور جعله يُلقب برجل «العشرة في المئة»، بعدما اعتاد أن يطلب رشى قيمتها عشرة في المئة على العقود الحكومية التي كانت تعدّها وتصادق عليها زوجته. كان رجل الظل الذي يمرر العقود إلى الشركات الأجنبية في مقابل الحصول على نصيب له.
أُوقف في عام 1990 على خلفية تهم ابتزاز، بنيت على أساس ادعاءات رجل الأعمال الباكستاني مرتضى بكاري، الذي ادّعى أنّ زرداري علّق له قنبلة كي يجبره على سحب أموال من حسابه المصرفي. إلا أنّ هذه التهم أُسقطت عنه عندما خرج من السجن في عام 1993، تاريخ تسلّم زوجته السلطة في العام نفسه.
شهوة السلطة والمال التي تملّكت الثنائي أثارت شكوكاً حول تورّط زرداري في قتل شقيق بوتو، مرتضى، الذي سقط في طلقة نارية خلال تظاهرة في عام 1996. تهمة كانت أول من وجّهتها زوجة الضحية، اللبنانية غنوة.
وُضع قيد الإقامة الجبرية ما بين عامي 1997 و 2004، وأُطلق سراحه بعدما أصدر القاضي حكماً قرّر فيه أن جميع التهم الموجّهة إلى زرداري ملفّقة. وفي آب 2004، اعترف بأنه يملك عقارات في سوراي في إنكلترا، اتهمته السلطات الباكستانية بأنه اشتراها من عمليات الرشوة والفساد، بعدما اتهمه المحققون الباكستانيون باختلاس ما يقارب 1.5 مليار دولار من الحكومة.
لقد أمضى زوج بوتو نحو 11 عاماً في السجن بسبب تهم فساد ادّعى أنها لُفِّقت له بناءً على دوافع سياسية، إلا أنّ قضية الفساد التي تلاحقه مع زوجته الراحلة بوتو أمام القضاء السويسري، معزّزة بما يكفي من الأدلة والإثباتات التي تؤكد تهم غسل الأموال المرتبطة مع شركتين في جنيف. وقد جمّدت السلطات السويسرية نحو 13.7 مليون دولار في عام 2006 في حسابات آل بوتو المصرفية في سويسرا.
أصبح زرداري رئيس حزب «الشعب» الباكستاني بعد اغتيال زوجته في 27 كانون الأول الماضي، إلا أن طموحه ألا يبقى فقط رئيساً للحزب، بل أن يرث أيضاً «رئاسة الحكومة الباكستانية». طموح قد لا يناله قريباً، على اعتبار أن الدستور يفرض على رئيس الحكومة أن يكون عضواً في البرلمان. إلا أنه قد يسعى إليه بعدما أسقط القضاء الباكستاني خمس قضايا كانت مرفوعة ضدّه في الخامس من الشهر الجاري على أن يقرّر مصير القضايا الباقية الأسبوع المقبل.
وصول زرداري إلى رئاسة الحكومة مصدر قلق حتى لواشنطن؛ فقد أشار مسؤولون في الولايات المتحدة إلى وضعية زرداري المهزوزة في البلاد، نظراً لآنه «زير نساء ولاعب بولو سابق، وفي غير موضع ثقة وشخصية معروفة بتاريخها المخادع في باكستان»، إضافة إلى كونه موضع شبهة على الأقل أمام شعبه «في قضايا فساد» يجد فيها بعض مناصري بوتو أنها عرقلت استمرارها في السلطة.