حيفا ــ فراس خطيبالتحريض على فلسطينيي 48 وقيادييهم كان مألوفاً دائماً. لكنَّ وتيرته تصاعدت في الآونة الأخيرة، وتجاوزت المألوف السياسي على كل الصُّعد. ففي الفترة الأخيرة، تعرضت القيادة العربية والجمهور الفلسطيني لتحريض منقطع النظير، وصفه بعض القياديين الفلسطينيين في حديث مع «الاخبار» بأنَّه «مرحلة تحريضية جديدة»، بحيث يرافق كل نشاط فلسطيني يرفض الوصاية الإسرائيلية. وتجلى ذلك واضحاً أثناء تضامن فلسطينيي 48 مع إخوانهم في غزة. وسبقه أيضاً التضامن مع الشعب اللبناني أثناء عدوان تموز، ورفض الفلسطينيين ليهودية الدولة، ما يثير غضب المؤسسة والسياسيين الإسرائيليين الذين يجدون التحريض صيغة للرد.
وقد تعرَّض النائبان العربيان في الكنيست، محمد بركة وجمال زحالقة، لتحريض معلنٍ من على منبر الكنيست، من النواب اليمينيين، مدعوماً بصمت «اليساريين». وازدادت وتيرة التحريض بعد العملية في المدرسة التلمودية في القدس المحتلة، حيث قال النائب أفي إيتام وأفيغدور ليبرمان إنَّ العملية وقعت في أعقاب «تحريض النواب العرب».
في المقابل، انتشرت فتوى دينية يهودية تصادق على الانتقام من عملية المدرسة الدينية في القدس.
وأشارت الحركة الإسلامية (الجناح الشمالي)، في بيانٍ، إلى أنَّ رئيس الحركة الشيخ رائد صلاح، لن يمثل أمام التحقيق الذي كان مقرراً أمس (نتيجة أحداث هدم باب المغاربة). وقالت الحركة إنها «تلقّت معلوماتٍ موثوقة تمّ التأكد من صحتها عن نيّة متطرفين يهود اغتيال الشيخ رائد صلاح»، وخصوصاً أن اليهود المتشددين قد هدَّدوا بالانتقام من «شخصية قريبة من المسجد الأقصى»، حسبما كشفت «القناة الإسرائيلية الأولى» قبل أيام.
وقال صلاح، لـ«الأخبار»، إنَّ «ما يميز هذه المرحلة هو التوافق بين الخطاب الرسمي الإسرائيلي والخطاب الشعبي أو الديني الاسرائيلي»، مشيراً إلى أن «كلا الخطابين بات يحرض علينا، ولإيقاع الأذى علينا حتى القتل». وأوضح أنّ ذلك بدأ منذ فترة «ويزداد انتشاراً، ومن شأنه أن يدفع المنطقة نحو احتقان غير مسبوق». وحمّل صلاح الحكومة الإسرائيلية المسؤولية عن كل ما يجري.
وفي الأسابيع الأخيرة، تكثفت رسائل التهديد إلى النائب بركة، من إسرائيليين يهود، ومن أميركيين يهود. وأشار بيان صادر عن مكتب بركة أن هذه الرسائل لم تنقطع في الماضي، إلا أنَّ وتيرتها ازدادت بكثافة في الأسابيع الأخيرة، ومن بينها رسالة من أميركي يهودي، يصف النائب بركة بـ«المخرِّب»، وأن عليه أن يرحل. وأكد بركة أن «الأقلية الفلسطينية والقيادات مرَّت في ظروف أصعب وعبرتها».
وكان النائب زحالقة قد تعرض أيضاً في الآونة الأخيرة لتحريض مباشر من ايتام وليبرمان، اللذين وصفاه بأنه «طابور خامس» و«خائن». وطالبا «بطرده».
وتستدعي الاستخبارات الإسرائيلية نشطاء في حزب التجمع إلى تحقيقات وصفها زحالقة بـ«التهريبيبة». وقال إنَّ «التحريض الأرعن ضد القياديين الفلسطينيين يعكس تحول إسرائيل إلى مصنع للعنصرية والكراهية». وتابع: «يبدو أنَّ هؤلاء المتطرفين يشمُّون رائحة انتخابات قريبة، ويشعرون بأنَّ التحريض على القيادات والجماهير العربية يكسبهم مزيداً من الشعبية في الشارع الإسرائيلي المتجه نحو التطرف أكثر فأكثر».
وتابع زحالقة أنَّه في ظل أزمة الهوية التي يعانيها المجتمع الإسرائيلي، أصبح «التشديد على كراهية العرب والتحريض عليهم أداة رئيسية في بناء الهوية، والتماسك داخل المجتمع الإسرائيلي».