رغم النتيجة المحسومة لمصلحة المبدئيين في الانتخابات التشريعية الإيرانية، لا يزال الهامش
واسعاً أمام المعارضة الإصلاحية لتعزيز حضورها وسط المشهد السياسي. حضور يؤهلها لتأليف جبهة معارضة داخل البرلمان قد تنجح في إيصال أحد أقطابها للرئاسة في العام المقبل

أنهت إيران أمس عملية اقتراع تشريعية، اختار خلالها الناخبون الأعضاء الـ 290 لمجلس الشورى، في خطوة تميزت بكثافة اقتراع ازدادت بنسبة 20 في المئة، مقارنة بالدورة السابقة قبل 4 سنوات.
وقال المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور والهيئة المركزية للرقابة على الانتخابات التشريعية الثامنة، عباس علي كدخدايي، إن «نسبة استهلاك أوراق الاقتراع ازدادت 20 في المئة مقارنة بالدورة السابقة، ما يؤكد المشاركة الملحمية للشعب في الانتخابات»، مع الإشارة إلى أن نسبة الاقتراع في انتخابات مجلس الشورى الماضية قبل 4 سنوات بلغت 51 في المئةبدوره، أعلن أمين مجلس صيانة الدستور، آية الله أحمد جنتي، عدم تسلّم المجلس أي تقرير عن مخالفة القانون في الانتخابات التشريعية حتى الآن، فيما أعلنت لجنة الانتخابات التابعة لوزارة الداخلية، في بيان، أن المهلة الزمنية المحددة للاقتراع مدِّدَت ثلاث ساعات أمس.
وفي أول رد فعل غربي، قالت وزارة الخارجية الأميركية إن نتائج الانتخابات الإيرانية «مقررة» مسبقاً لأنَّ الناخبين لم يُمنَحوا خياراً كاملاً. وقال المتحدث باسمها، شون ماكورماك: «إن الانتخابات مقرَّرة بمعنى أن الشعب الإيراني حُرم التصويت لمجموعة كاملة من الأشخاص».
في المقابل، وصف المرشد الأعلى للثورة، آية الله علي خامنئي، انتخابات الأمس بأنها كـ«ليلة القدر»، داعياً الشعب إلى الاستفادة من هذه الفرصة.
وقال خامنئي إن الانتخابات تشبه «ليلة القدر التي يُحَدَّد فيها مصير الإنسان كل عام».
ومن جهته، رأى الرئيس محمود أحمدي نجاد أنه «يمكن اعتبار الانتخابات رمزاً لبقاء الشعب ولإذلال أعدائه»، موضحاً أن المشاركة «تُعَدُّ أحد المظاهر التي يمكن أن تؤدي إلى رفعة هذا الشعب وتقوية أركانه أكثر من أي وقت مضى».
أمّا رئيس مجلس خبراء القيادة، أكبر هاشمي رفسنجاني، فقد رأى أن «تأليف مجلس نيابي جيد ومدافع عن الناس والثورة والبلاد سيصيب الأعداء باليأس والإحباط، والجميع سينتصر ما عدا الأعداء»، مذكّراً بأن الانتخابات التكميلية لمجلس خبراء القيادة تزامنت مع الانتخابات التشريعية، واصفاً إياها بـ«الهامة جداً».
وتناول رفسنجاني، من جهة ثانية، الملف النووي، مؤكداً أن «إيران ترى أن على الجانب الأوروبي أن يستأنف حواره مع إيران من دون وضع أية شروط مسبقة، وإذا كانت هنالك شبهات يجب إزالتها». ورأى، خلال إلقائه خطبة الجمعة في طهران، أن «المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، محمد البرادعي، لم يكن صادقاً في إعداد تقريره، حيث ترك ثغرات للآخرين كي يتمكنوا من استخدامها ضدنا، ونحن لا ننخدع، ولكن رغم ذلك علينا أن نُثمّن تقرير السيد البرادعي».
في هذا الوقت، رأى رئيس مجلس الشورى الإسلامي، غلام علي حداد عادل، لدى إدلائه بصوته، أن «الشعب الإيراني سيرد على صلافة الرئيس الأميركي جورج بوش من خلال الانتخابات التشريعية».
أمّا رئيس البرلمان السابق، الإصلاحي مهدي كروبي، فقد رأى من ناحيته، أن «مشاركة الشعب في الانتخابات كانت جيدة»، مبدياً ثقته بتصريحات وزير الداخلية مصطفى بور محمدي التي أكد فيها اعتماد الأمانة والمحافظة على أصوات المقترعين.
وأعلن بور محمدي أن النتائج قد تُعلن بحلول اليوم السبت، لافتاً إلى أن هناك «قدراً كافياً من الأجهزة ومؤسسات المراقبة، سواء الحكومية أو غير الحكومية للإشراف على حسن تنفيذ العملية الانتخابية».
وكان وزير الأمن، غلام حسين محسني أجائي، قد أكد أن التزوير لن يطال أي صوت في الانتخابات البرلمانية.
وتولى 175 ألف شرطي الحفاظ على أمن العملية الانتخابية، فيما شارك في تغطيتها أكثر من 400 مراسل أجنبي.
وأدلى الإيرانيون اليهود بأصواتهم، لاختيار أعضاء البرلمان الذي يضم نائباً يهودياً يمثلهم. وقال بعض هؤلاء، لوكالة «رويترز»، إنهم لا يواجهون أي مشاكل في هذا البلد الإسلامي، بسبب دينهم.
وقال رجل الأعمال، إدموند معلمي، بعدما أدلى بصوته في معبد يهودي في طهران: «نحن في هذا البلد منذ آلاف السنين وسوف نبقى»، مؤكداً أنه «ليس لدينا أي شكاوى. بإمكاننا المجيء هنا طوال الأسبوع لأداء صلاتنا».
من جهة أخرى، قال رئيس الغرفة التجارية والصناعية الروسية، يفغيني بريماكوف، إنه لا يؤمن بإمكان الهجوم العسكري الأميركي على إيران. ونقلت وكالة «نوفوستي» الروسية للأنباء عنه قوله: «يتحدث الكثيرون اليوم عن احتمال الاعتداء العسكري الأميركي على إيران، ولكنني لست واثقاً بهذا الاحتمال، لأنهم اكتووا في العراق، بينما إيران ليست العراق، فالأذى سيكون أشد بكثير»، مشيراً إلى أن «الرئيس بوش سيحاول تحقيق نجاح ما في تسوية النزاع في الشرق الأوسط قبل انتهاء فترة ولايته الرئاسية».
إلى ذلك، انتقدت وزارة الخارجية الإيرانية بيان اتحاد البرلمانات العربية الخاصة بالجزر الإماراتية الثلاث، ورأته تدخلاً في شؤون إيران الداخلية. ووصف المتحدث باسم الخارجية، محمد علي حسيني، هذا البيان بأنه «لا أساس له»، مشدداً على أن «الجزر الإيرانية الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى جزء لا يتجزأ من الأراضي الإيرانية».
(أ ف ب، مهر، يو بي آي، أ ب، رويترز)