اتفق زعماء الاتحاد الأوروبي على تعديل خطة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لإقامة اتّحاد لدول البحر المتوسط يعزّز الروابط بين دول الاتحاد في الشمال وجيرانهم على الضفة الجنوبيّة.وقبل 3 أشهر على تسلّم فرنسا الرئاسة الدوريّة للاتحاد، عرض ساركوزي والمستشارة الألمانيّة أنجيلا ميركل، الخطة، خلال القمّة التي عقدتها أوّل من أمس 27 دولة أعضاء في الاتحاد بعد أشهر من المعارضة الألمانية التي نجحت في دفع باريس إلى التخلّي عن الجوانب المثيرة للجدل.
وقال رئيس وزراء سلوفينيا، يانيز يانسا، بعدما ترأّس اليوم الأوّل من القمّة، «هذه المبادرة تتمتع بتأييد المجلس وسيبدأ العمل الآن في أجهزة المجلس المختصة لإعداد كل ما هو ضروري».
وتقلّص المفهوم الأصلي من منتدى دولي يضمّ فقط دول حوض البحر المتوسّط ويتطلّب إنشاء تسع وكالات جديدة ومصرف، إلى مجرّد قمّة دوريّة لدول الاتحاد الأوروبي ودول حوض البحر المتوسّط مع تشكيل رئاسة مشتركة وأمانة صغيرة.
ورأت ميركل أنّ الخطة الفرنسية الأصليّة كانت ستُحدث انقساماً وتستهلك أموالاً مشتركة لمصلحة عدد محدود من أعضاء الاتحاد ومستعمراتهم السابقة، فيما لفت الرئيس الفرنسي، في مؤتمر صحافي، إلى «أنّني لم أفكر قط في استبعاد أيّ من دول الاتحاد، ولم اعتبره (الاتحاد المتوسّطي) قط منافساً للاتحاد الأوروبي».
وفيما رحّب رئيس المفوضيّة الأوروبيّة، خوزيه مانويل باروزو، بالفكرة، قال مستشار النمسا، ألفريد جوسينباور، إنّه «لا ضرر» من الفكرة لكن «ما يهمّنا هو ألّا تصبح بمثابة حفل شواء لقلّة من الدول الأعضاء». وفي واقع الأمر، لن يكون الاتحاد المتوسّطي الذي سيُدشّن في باريس في 13 تمّوز المقبل أكثر من مظلّة سياسيّة جديدة للشراكة الأوروبيّة المتوسطيّة التي دُشّنت في مدينة برشلونة الإسبانية عام 1995، والتي لم تسفر عناوين التعاون التجاري والثقافي والسياسي فيها سوى عن نتائج مخيّبة للآمال، وقد أُرجع ذلك إلى الصراع العربي ـــ الإسرائيلي وإلى أنّ معظم دول البحر المتوسّط لديها حكومات شموليّة لا تتمتّع بشفافيّة كافية وغير مجهّزة لاستيعاب التمويلات الأوروبيّة.
وتشارك في عمليّة برشلونة إحدى عشرة دولة من جنوب المتوسّط هي: الجزائر، مصر، إسرائيل، الأردن، لبنان، المغرب، الأراضي الفلسطينيّة، سوريا، تونس، تركيا وموريتانيا، بينما تتمتّع ليبيا بوضع مراقب فيها. وكان للعمليّة هدفان أساسيّان: 1ـ إنشاء «مجال مشترك من السلام والاستقرار عبر تعزيز الحوار السياسي». 2ـ إنشاء منطقة للتبادل الحرّ أوروبيّة ـــ متوسطيّة بحلول عام 2010.
وكانت «يوروميد» التي أصبح اسمها بعد التعديل: «عمليّة برشلونة: اتحاد من أجل المتوسّط»، طيلة سنوات، المكان الوحيد الذي يلتقي فيه مسؤولون إسرائيليّون وعرب. إلّا أنّ حضور الطرفين والتركيز الدائم على النزاع الإسرائيلي ـــ الفلسطيني عرقلا كلّ الاجتماعات الأوروبيّة المتوسطيّة تقريباً.
وقلّل يانسا من مستوى الطموحات السياسيّة للاتحاد الجديد. وفي هذا الصدد، قال المسؤول في وزارة الخارجيّة المغربية، يوسف عرماني، «أيّاً كانت طموحات السياسة الأوروبية للأمن والدفاع في البحر المتوسّط، فإنّها ستبقى متوقفة على قدرة ورغبة كل شركاء العمليّة في إيجاد تسوية عادلة ودائمة ونهائيّة للنزاع ـــ الإسرائيلي الفلسطيني تضمن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني».
(أ ف ب، رويترز)