مع اقتراب الذكرى الخامسة لغزو العراق، تشعر الحكومة العراقيّة يوماً بعد يوم بأنها مطالَبة بإنجاز، ولو مهمّة واحدة من الأهداف التي حدِّدت في ربيع عام 2006. شعار «المصالحة الوطنيّة» كان بالأساس دافعاً لاحتواء الأحزاب والفصائل التي لم تشارك في العمليّة السياسيّة. لكنّ جميع الاجتماعات واللقاءات العلنيّة التي عُقِدَت في عهد نوري المالكي كانت بين الأحزاب المختلفة على تقاسم الحصص، ولم تضمّ عدداً كبيراً من الفصائل التي لم تقتنع بجدوى الدخول في العمليّة السياسيّة. على هذا الأساس، أعلن المالكي عقد مؤتمر «قريب» للمصالحة في بغداد ويستمر ليومين، وستحضره قوى سياسية ودينية وعشائرية وأخرى مستقلة «من داخل العملية السياسية ومن خارجها». وتحدّث، في مقابلة أجرتها معه قناة «العراقيّة» الحكوميّة أوّل من أمس، عن رؤيته الشخصية لمفهوم المصالحة الوطنية، قائلاً إنّها كمشروع اجتماعي نجح، لكنها لم تلاقِ النجاح نفسه على المستوى السياسي.
واتّهم المالكي القوى والأحزاب السياسية بالمسؤولية في عدم إنجاح المشروع «بسبب التفكير بعقلية طائفيّة أو حزبية أو عقلية التحكّم والإسقاط». ولا شكّ أنّ رئيس الوزراء كان يقصد باتهاماته الأحزاب التي انسحبت من حكومته في الصيف الماضي، وهي «جبهة التوافق» والقائمة العراقيّة (إياد علاوي)، والتيار الصدري.
المالكي لم يحدّد موعداًَ للمؤتمر. غير أنّ المتحدّث باسم الحكومة، علي الدباغ، كشف عن أنه سيكون غداً. وأضاف، في بيان، أن الهدف هو «المساعدة على إنهاء التوتّر الطائفي والاحتقان السياسي عبر دعم جهود الحكومة في المجال الأمني والمشاركة في الانتخابات».
لكنّ المتحدّث الحكومي ناقض كلام رئيسه، عندما أكّد أنّ المشاركة ستنحصر بين المشاركين في العمليّة السياسيّة، فحدّد هدفاً مركزياً من ورائه وهو «تفعيل دور القوى المختلفة في العملية السياسيّة من أجل الإسهام الإيجابي في المصالحة الوطنية».
وحتّى قبل أن يبدأ المؤتمر، ظهر التنافس على هويّة الجهة الداعية إلى حضوره. فأعلنت «جبهة التوافق»، على لسان المتحدّث باسمها سليم الجبوري، أنّ المؤتمر «لن يكون تحت إشراف الحكومة»، مشيراً إلى أن إشرافاً كهذا قد يؤدي «الى تضييق أفق المؤتمر».
وقال الجبوري إنّ لجنة تحضيرية تكوّنت من أطراف «قسم منها من خارج العملية السياسية هي التي أسهمت في الإعداد والتحضير لهذا المؤتمر بمساعدة وزارة الحوار».
وكشف الجبوري عن أنّ المؤتمر سيتناول أربعة محاور من أهمها «الإصلاح المؤسّساتي، وأخرى تتعلق بالمسلّحين والميليشيات والصحوات».
في هذا الوقت، وبعد الاتفاق الذي توصّل إليه العرب والأكراد على تقاسم للسلطة باعتماد 32 في المئة لكلّ من القوميات الثلاث (العرب والأكراد والتركمان) في الوظائف الحكوميّة في محافظة التأميم، عقدت شخصيات عربية اجتماعاً موسّعاً في كركوك، تحت شعار «الدفاع عن هوية كركوك العراقية»، لتأكيد معارضتهم ضم المدينة إلى إقليم كردستان.
وقال عضو مجلس المحافظة محمد خليل، إنّ «العرب شاركوا بقوّة في العملية السياسية، لكن للأسف لم تطبق اتفاقيتهم مع الأكراد، لأنهم كانوا غير جديّين».
إلى ذلك، استفاد المرشّح الجمهوري في الانتخابات الرئاسية الأميركيّة، جون ماكاين، من غياب المنافسة ضدّه، فوصل إلى العراق أمس سرّاً. ولم تُحدّد السفارة الأميركية في بغداد هويّة المسؤولين الذين التقاهم المرشّح الجمهوري الذي يريد أن تبقى القوات الأميركية في بلاد الرافدين لمدّة مئة عام مقبلة على حدّ ما كشفه أخيراً.