هزيمة اليمين الفرنسيتؤهّب لـ«صراع في القمّة»

باريس ــ بسّام الطيارة
قبل إعلان نتائج الدورة الثانية من الانتخابات المحلية الفرنسية، بدأت الألسن تتناقل «أسماء الذين لن يتابعوا الطريق مع نيكولا ساركوزي»، وخصوصاً أنّ التوجّهات الأولى تشير إلى أنّ «خسارة اليمين» قد لا تكون كبيرة كما توقّعها البعض، إلّا أنها تؤكّد تراجع شعبيّة الرئيس الفرنسي.
ويبدو أنّ ارتفاع مشاركة الناخبين في هذه الدورة، بعدما بلغت المقاطعة ٣٣ في المئة وهو رقم قياسي بالنسبة لانتخابات بلدية، لن يمنع اليسار من «الاستيلاء» على عدد من المدن الكبرى، يتوقّع البعض أن يبلغ عددها ما يزيد على 30 مدينة متوسّطة الحجم.
وقد تميّز الأسبوع، الذي فصل الدورة الأولى عن الدورة الثانية، بغياب ساركوزي عن الإعلام بطريقة شكّلت اعترافاً بأنّه «بات عائقاً»، وأنّ تخفيف حدّة الخسارة يكون بتجاوز صورته الإعلامية والتركيز على الخدمات المحلية والابتعاد عن أحاديثه عن «القطيعة والانفتاح والإصلاحات»، وهي محور ما سعى إلى فرضه منذ وصوله إلى الإليزيه، وإبقاء هذه الطروحات ضمن «عمل الحكومة»، وبالتالي دفع رئيسها فرانسوا فيون إلى جبهة الدفاع عن بعض معاقل اليمين التي يمكن أن تخسرها.
وأطلق بعض «بارونات اليمين» اسم «الكارثة» على الانتخابات المحلية. وبدأ بعضهم يشكّك في «استراتيجيّة الإليزيه على المستوى الوطني» ولا يتردّد آخرون عن توجيه أصابع الاتهام إلى ساركوزي بسبب «صخب تصرّفاته الشخصية» وتصدّره الواجهة الإعلامية وإلباس برامجه قناع «التحدّي والصدمة الإعلاميّة» عوضاً عن محاولة التقرّب من المواطنين لكسب تأييدهم لطروحات اليمين.
وهذا ما يفسّر الشعبية الكبرى التي يتمتع بها رئيس الوزراء مقارنة برئيس الجمهورية، وهو ما يمكن أن «يؤهّب لصراع في القمّة» يخيف جميع زعماء اليمين رغم تشديد فرانسوا فييون على أنّه يعمل تحت «سلطة الرئيس». وربما هذا ما يدفع البعض للحديث عن تغييرات كبيرة قد يقوم بها ساركوزي داخل فريق عمله المقرّب تحضيراً لأيّام مقبلة قد تكون صعبة جداً.
وعلمت «الأخبار» أنّ أوّل من سوف «يدفع ثمن الهزيمة» سيكون الناطق الرسمي للإليزيه، دافيد مارتينو، الذي يُتوقّع أن يُعيّن «قنصلاً في نيويورك». وذلك يؤشّر إلى فقدانه الحظوة التي دفعته إلى أقرب المواقع بين مستشاري ساركوزي. كما من المتوقع إلغاء موقع الناطق الرسمي وجعل التحدّث باسم الرئيس في عهدة شخصيّتين: كلود غيان على صعيد السياسة الداخلية وجان دافيد ليفيت بالنسبة للسياسة الخارجية، على أن يُعاد التشديد على أهميّة المؤتمرات الصحافية الأسبوعية في وزارة الخارجيّة ورئاسة الوزراء.
أما بالنسبة لتغيير حكومي مرتقب، فإنّ ساركوزي كان قد أعلن أنّه «سيستمع إلى رسالة الناخبين»، وهو ما فسّره البعض بأنّ الرئيس على استعداد لتغيير «يستوعب هزيمة الانتخابات». إلّا أن فييون شدّد على أنّ «التغيير الحكومي ليس ضرورياً»، وهو ما رآه البعض نوعاً من «تأطير العمل الحكومي المقبل» وبداية أخذ رئيس الوزراء بعض «الاستقلاليّة» في ظلّ دعوة عدد من زعماء اليمين ساركوزي للبقاء بعيداً عن الواجهة بانتظار عودة شعبيّته.