بعد ليلة صاخبة من الاشتباكات بين الشرطة والمحتجين التيبيتيين، ساد هدوء حذر في لاسا، أمس، فيما طالب الدالاي لاما بإجراء تحقيق دولي في الحوادث الأخيرة، في ظلّ دعوات دولية لبكين إلى ضبط النفس.وقامت الشرطة والجيش الصينيان بإغلاق عاصمة إقليم التيبيت، فيما أعلنت السلطات المحلية المؤيدة لبكين «حرباً شعبية» أمنية ودعائية مضادة لتحركات المعارضة التيبيتية.
ونقلت صحيفة «تيبت ديلي» الرسمية عن مسؤولين إقليميين وأمنيين قولهم إنهم يعلنون «خوض حرب شعبية لمواجهة الانفصالية وحماية الاستقرار. وكشف الممارسات الدنيئة لتلك القوى وإدانتها، وكشف الوجه القبيح لعصبة الدالاي وجعله واضحاً وضوح الشمس».
وأكدت حكومة التيبيت في المنفى، التي تتخذ من شمال الهند مقراً لها، سقوط 80 قتيلاً في الاشتباكات و72 جريحاً. إلا أن وكالة أنباء الصين الجديدة «شينخوا» أوردت أن 10 «مدنيين أبرياء» قتلوا، معظمهم في حرائق «أشعلها مثيرو الشغب».
في المقابل، دافع قائد قوات الأمن الصينية وو شوانغ تشان عن قمع التظاهرات، مؤكداً «أن السبل التي اتخذناها هناك لم تتجاوز الحقوق الدستورية للقوات المسلحة أو للقانون الدولي».
في المقابل، ندد الدالاي لاما بـ«نظام الرعب» الذي يفرضه الحكم الشيوعي. وقال «تحصل إبادة ثقافية هناك، أكان ذلك متعمّداًَ أم لا»، مؤكداً أن التيبيتيين يعاملون «كمواطنين من الدرجة الثانية» في هذه المنطقة الصينية التي تتمتع بحكم ذاتي.
وطالب الزعيم البوذي بتحقيق دولي في أعمال العنف الدامية، قائلاً «أرجوكم، أجروا تحقيقاً إذا كان ذلك ممكناً لتحاول هيئة دولية التحقيق في الوضع في التيبيت». وأكد أن على المجتمع الدولي «مسؤولية أخلاقية» بتذكير الصين بأن تكون مضيفاً حسناً لدورة الألعاب الاولمبية الصيف المقبل، في ظلّ تقارير تحدثت عن عزم بعض الرياضيين الدوليين مقاطعة الدورة في بكين إثر أحداث التيبيت.
وكان الرهبان البوذيون قد عادوا إلى الشوارع يوم الاثنين الماضي في ذكرى مرور 49 عاماً على انتفاضة الإقليم على الحكم الصيني، وسرعان ما انتقلت الاحتجاجات إلى المناطق المجاورة التي يسكنها تيبيتيون. وفي لاسا، أحرق المحتجون السيارات وهاجموا المصارف والمكاتب واستخدموا الحجارة والمدي في مواجهات مع الشرطة.
وامتدت الاشتباكات إلى مقاطعة سيشوان المجاورة، حيث أكدت مجموعتان مواليتان للتيبيت، نقلاً عن شهود عيان، أن «التظاهرة قمعت بالقوة. وأطلقت الشرطة النار على الحشود»، ما أدى إلى سقوط سبعة قتلى على الأقل.
ودعت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، أول من أمس، الحكومة الصينية إلى «ضبط النفس»، كما حثّت «الأطراف كافة على عدم اللجوء إلى العنف». وأعربت، في بيان، عن تخوفها من «استمرار أعمال العنف»، مشددةً على ضرورة «الإفراج عن جميع الرهبان والآخرين الذين سجنوا فقط لأنهم عبروا عن آرائهم».
ورفضت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل دعوات مقاطعة الأولمبياد على خلفية الأحداث الأخيرة، بحسب جريدة «دايلي بيلد»، فيما دعا وزير خارجية بلادها مارك شتاينماير «إلى إنهاء العنف» في الإقليم.
وفي لاهاي، حاول قرابة 400 متظاهر مهاجمة القنصلية الصينية. وأفاد مراسل «فرانس برس» أن المتظاهرين دمروا قسماً من السياج المحيط بالقنصلية وانتزعوا العلم الصيني ورفعوا مكانه علم التيبيت، قبل أن تعتقلهم الشرطة.