باريس ــ بسّام الطيارةلا يمنع اعتراف اليمين بـ«تراجع مواقعه في أجهزة الحكم المحلية» من القول إن الهزيمة كانت أكبر مما كان يتوقع زعماء هذا اليمين الذي «وضعه نيكولا ساركوزي» بجيبه يوم رضي جاك شيراك تسليمه رئاسة حزب «تجمع الأكثرية الشعبية» رغم معارضة رفاقه القدماء.
لعل هذا هو السبب الذي يجعل عدداً متزايداً من اليمينيين يضعون اللوم على شيراك في تراجع مواقعهم اليوم على أساس أن موقع الإليزيه لم يعد يشكل قوة جذب انتخابية تفيد مؤيديهم. ويعلم الجميع أن اليسار رغم هذا المد شبه الكاسح لا يستطيع المباهاة نظراً إلى ضعف هيكلية حزبه والنزاع، على الأجهزة للسيطرة على قيادته، البارز في أفق كل تحركات زعمائهومن المتوقع أن يستغل كل من سيغولين رويال المرشحة السابقة للرئاسة وفرانسوا هولاند سكرتير عام الحزب هذا «الانتصار» في محاولة تأسيس استقطاب لموقع قوى داخل الحزب تحضيراً لجولة الزعامة بعد أشهر معدودة، علماً بأن برتران دولانويه الذي سجل انتصاراً ثانياً في باريس بدأ يخط طريقه نحو زعامة الحزب، وخصوصاً أن رئاسة بلدية باريس تعطيه موقعاً استثنائياً لمحاربة خصومه يذكّر بالموقع الذي احتله شيراك ٢٠ سنة قبل أن يفوز بسبق الرئاسة.
وأياً كانت تقويمات الربح والخسارة للمشاركين، فإنه من المتفق عليه أن «الخاسر الأكبر» هو فرانسوا بايرو، الذي أراد خلال هذه المعركة البروز كقطب لجبهة وسط تجذب اليمينيين، الذين خيّب ظنهم ساركوزي ومن اليساريين غير المقتنعين بإمكان أن يضبط الحزب الاشتراكي طموحات أقطابه المتناحرين. وطوال الأسبوع الذي تلى الدورة الأولى كان ومرشحي «الموديم» حزب الوسط محط أنظار كلا الحزبين الكبيرين في محاولة لاستمالة أصوات ناخبيه. وقد اختار بايرو «سياسة وصولية بالدرجة الأولى» إذ ترك الحرية لمرشحيه للتفاوض «كل حالة بحالة» للحصول على أكبر قدر من المستشارين البلديين، ما شوّش صورته لدى الناخبين وفقد بعض الصدقية التي كان يتمتع بها على الصعيد الوطني، حتى إنه لم يستطع النجاح في دائرته الانتخابية قرب مسقط رأسه في جنوب غرب فرنسا. فقد أضاعت هذه الاستراتيجية مكاسب بايرو التي حصدها خلال الانتخابات الرئاسية والتي جعلته يظهر بموقع «الرجل الثالث» الذي يستطيع أن يُنجح أو يُسقط من يريد، وبات اليوم في موقع ضعيف جداً. ويتوقع المراقبون أن يهجره «مرة ثانية» مزيد من النواب، ويتوجه قسم منهم إلى اليسار والقسم الآخر إلى اليمين، بعدما زالت معالم القطيعة وعادت الثنائية القطبية والتناوبية تتحكم بسياسة فرنسا الداخلية.