حسام كنفانيفجأة ظهرت المبادرة اليمنية إلى سطح المشهد السياسي الفلسطيني، كأحد سبل حل الأزمة الداخلية المستعصية منذ الحسم العسكري لـ«حماس» في حزيران الماضي. أسئلة كثيرة عن المبادرة وسبل نجاحها تفرض نفسها، من الممكن استعراض بعضها في ما يلي:

■ ما هي المبادرة اليمنية؟
ـ تقوم المبادرة اليمنية، التي قدّمها الرئيس علي عبد الله صالح وتبنتها جامعة الدول العربية، على سبع نقاط: أولاها عودة الأوضاع في غزة إلى ما كانت عليه قبل انقلاب «حماس» على مؤسسات السلطة، وإجراء انتخابات نيابية مبكرة، واستئناف الحوار على قاعدة اتفاق القاهرة 2005، والعودة إلى تطبيق اتفاق مكة 2007، واعتبار أن الشعب الفلسطيني كل لا يتجزأ، السلطة الفلسطينية تتكون من سلطة الرئاسة المنتخبة والبرلمان المنتخب والسلطة التنفيذية ممثلة بحكومة وحدة وطنية، والالتزام بالشرعية الفلسطينية بكل مكوّناتها.
■ هل تتقبل «حماس» و«فتح» عودة وضع غزة إلى ما كان عليه قبل 14 حزيران؟
ـ عبارة «عودة الوضع إلى ما كان عليه» تطرح الكثير من التساؤلات، ولا سيما أن هذا «الوضع» لم يكن في أحسن حال. وقد تحمل العبارة تفسيرات متناقضة لكلا الطرفين. «حماس» من جهتها ترى أن «العودة» تعني بقاء إسماعيل هنية في رئاسة الحكومة، وإبقاء القوة التنفيذية فاعلة في القطاع قبل دمجها في الشرطة بعد الحسم العسكري. بينما التفسير بالنسبة إلى «فتح» يعني عودة السلطة إلى أجهزتها الأمنية على الأرض، إضافة إلى كبار موظفيها في القضاء والوزارات.
بحسب التفسيرات، فالمبادرة أمام طريق مسدود. «حماس» من المؤكّد أنها لن تسمح بعودة نشاط الأجهزة الأمنية إلى سابق عهدها، ولا سيما أنها ترى «تطهير» هذه الأجهزة من منجزات الحسم العسكري. في المقابل، لن ترضى «فتح» بتقاسم السلطة الأمنية مع الحكومة «الحمساوية»، وهي مشكلة بحاجة إلى حلّ جذري قبل الشروع في الحوار الوطني.
■ لمصلحة من قد تكون الانتخابات النيابية في الظروف الراهنة، بحسب البند الثاني من المبادرة؟
ـ قد لا يكون طرح الانتخاب المبكّر جديداً على اقتراحات الحل الداخلي. لكن أن يقتصر على الانتخاب النيابي فهو سيوضع في مصاف محاباة الرئاسة الفلسطينية على حساب المجلس التشريعي، الذي تمثّل فيه «حماس» الغالبية المطلقة، وهو ما لا ترضى به الحركة الإسلامية، التي ترى أن تكليفها الشعبي لن ينتهي قبل ثلاث سنوات مقبلة. حتى إن الحركة إلى اليوم لم تحسم خيار قبول اقتراح إجراء انتخابات نيابية ورئاسية أو رفضه، الذي كان تقدّم به الرئيس محمود عباس قبل فترة، وهي بالتأكيد لا تحفزها استطلاعات تفوّق إسماعيل هنية على عبّاس في الشعبية، لاختبارها في السابق عدم مصداقية استطلاعات الرأي الفلسطينية، التي تجريها في العادة مؤسسات مقرّبة من السلطة.
وبالنسبة لـ«فتح»، الانتخابات التشريعية المقبلة هو مطلبها من اليوم الأول لإعلان فوز «حماس» في الانتخابات في كانون الثاني 2007، وبالتالي فهي داعمة أساسية لهذا البند، إن لم تكن صاحبته.

■ كيف يمكن العودة إلى اتفاق القاهرة عام 2005؟
ـ قد يكون هذا الاقتراح الوارد في البند الثالث من المبادرة من أعقد القضايا في الحوار الداخلي الفلسطيني، لارتباطه خصوصاً بإعادة تشكيل المجلس الوطني وإصلاح منظمة التحرير. البند ورد في كل الحوارات السابقة، إلا أن أي جزئية منه لم تجد طريقها إلى التنفيذ، ولا سيما أن «فتح» لا تريد خسارة حظوتها في المجلس، وبالتالي المنظمة، فيما كانت «حماس» قبل فوزها الانتخابي الواسع، تطالب بالمناصفة مع «فتح»، وتفيد أنباء بأنها ترغب الآن في الحصول على 60 في المئة من التمثيل في المجلس الوطني.
الأمر نفسه هو فحوى البند الرابع، ولا سيما أن استكمال اتفاق مكة مرتبط بالدرجة الأولى بالعمل على إعادة إحياء منظمة التحرير، إضافة إلى إصلاح الأجهزة الأمنية، وهي نقطة لن تجد لها آذاناً صاغية لدى القيادة «الفتحاوية».

■ هل ستجد المبادرة وحوارات صنعاء الطريق إلى النجاح؟
ـ من غير المرجح أن تحدث المبادرة خرقاً. وإضافة إلى ما سبق، فإن شكل التمثيل في الحوار يعطي انطباعاً كهذا، ولا سيما لجهة غياب عباس ورئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، خالد مشعل، عنه. كما أن الحركة الإسلامية، حسبما تسرّب من نقاشات داخلية في غزة، لا ترغب باستئناف الحوار الداخلي قبل استبيان جهود التهدئة التي تبذلها مصر، والتي في حال أقرّت، ستعدّ تدعيماً لموقف «حماس» في الداخل.