خلاف داخل «فتح» حول التوقيع... وإسرائيل تحذّر من الحوار مع «حماس» رام الله ـ أحمد شاكر
لم يكد يجفّ حبر التوقيع على «إعلان صنعاء» بين وفدي «فتح» و«حماس»، حتى خرج الرئيس الفلسطيني محمود عباس ومسؤولو السلطة ليعلنوا التبرّؤ من الاتفاق، وسط حديث عن ضغوط أميركية ـ إسرائيلية تعرّض لها أبو مازن، وتمثلت علناً بتصريحات نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني وأكثر من مسؤول إسرائيلي خيّروه بين «مفاوضات السلام والاتفاق مع حماس».
وكشفت مصادر فلسطينية مطّلعة، لـ«الأخبار» أمس، عن أن عباس تعرض لضعوط أميركية وإسرائيلية عقب توقيع الاتفاق بين حركتي «فتح» و«حماس» في صنعاء. وأشارت إلى أن أبو مازن يحاول التنصل من الاتفاق، عبر ترويج عدد من الناطقين باسمه بأن رئيس كتلة «فتح» البرلمانية، عزام الأحمد، لم يستشر الرئيس قبل التوقيعوأعلن المستشار السياسي لعباس، نمر حماد، أن الرئاسة الفلسطينية ترفض التحاور مع حركة «حماس» في شأن تنفيذ المبادرة اليمنية. وأشار إلى أن عزام الأحمد لم يتصل بالرئيس أبو مازن لإطلاعه على نص إعلان صنعاء ليجرى توقيعه برعاية يمنية.
وأكد حمّاد رفض عباس اعتبار حركة «حماس» المبادرة اليمنية إطار عمل للتفاوض والحوار لتنفيذ بنودها. وقال إن «موافقة الرئاسة المسبقة على المبادرة جاءت لتنفيذ كل بنودها، وفي مقدمها تراجع حماس عن الانقلاب في قطاع غزة».
من جهته، ردّ الأحمد بنفي قاطع لتصريحات نمر حماد بعدم التواصل مع عباس قبل توقيع الاتفاق، مؤكداً أنه كان على تواصل دائم معه وأنه وقّع «إعلان صنعاء» بموجب الصلاحيات المخوّلة له.
وقال الأحمد إن «نمر حماد يبدو أنه لا علم لديه باتصالات الوفد في صنعاء والرئيس عباس في رام الله»، نافياً اعتبار الإعلان بأنه سيكون إطار عمل «بل لتباحث آليات تنفيذ الاتفاق وعودة الأوضاع إلى سابق عهدها»، متهماً جهات في الرئاسة بعدم الرغبة في الحوار الوطني.
وفي السياق، قال رئيس الحكومة الفلسطينية الأسبق، أحمد قريع، إن الأحمد ما كان يجب أن يوقّع على الاتفاق، مشيراً إلى أنه (الأحمد) اتصل بعباس أكثر من مرة، إلا أن الأخير كان مشغولاً في استقبال تشيني، فكان هناك «سوء تفاهم أدى إلى التوقيع».
وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، ياسر عبد ربه، «إن حماس تحاول أن تقودنا إلى حوار لا ينتهي إذا لم تتراجع عن انقلابها العسكري في غزة». وأضاف، لإذاعة «صوت فلسطين»، أن «حماس لا تعطي أي إشارة إلى أنها تنوي التراجع، بل على العكس تلمّح بأنها تنوي السيطرة على المزيد من مؤسسات السلطة الفلسطينية في غزة»، في إشارة إلى تسرّب عن عزم رئيس الحكومة المقالة، اسماعيل هنية، ملء شواغر المقاعد الوزارية في حكومته بعد انسحاب وزراء «فتح» والفصائل الفلسطينية الأخرى.
وكانت الرئاسة الفلسطينية قد أصدرت بياناً بعد دقائق من الإعلان عن الاتفاق، رأت فيه أن «استئناف الحوار في المستقبل يجب أن يتم لتنفيذ المبادرة اليمنية بجميع بنودها وليس للتعامل مع تلك المبادرة كإطار للحوار لأن ذلك لن يؤدي الى نتيجة. بنود المبادرة اليمنية واضحة ونحن نريدها للتنفيذ لا للتحاور».
ورفضت «حماس» البيان. وقال المتحدث باسم الحركة، سامي أبو زهري، إن «تعليق فتح يكشف افتقار الرئاسة لاحترام الحوار ويعطي الانطباع بأن توقيعها ليس أكثر من نوع من إبداء الامتنان لليمنيين».
وقال رئيس وفد حركة «حماس» إلى صنعاء، موسى أبو مرزوق، إن بنود «إعلان صنعاء» لا يمكن تنفيذها إلا بالحوار. وأوضح أن «ما تم الاتفاق عليه هو الموافقة على المبادرة اليمنية كإطار لاستئناف الحوار بين فتح وحماس، ومن ثم الانطلاق لاختيار آليات للحوار»، داعياً حركة «فتح» إلى الالتزام بما تم التوافق عليه.
ودخلت إسرائيل طرفاً أساسياً لاعباً في قضية الحوار الداخلي، محذّرة عباس من مغبة الحوار مع «حماس». وقال مصدر سياسي إسرائيلي «إن إسرائيل ستجمد المفاوضات السياسية مع السلطة الفلسطينية إذا جلست حماس وفتح في حكومة وحدة وطنية». وأضاف «إذا تمخض اتفاق صنعاء عن إقامة حكومة وحدة فلسطينية تضم عناصر من حماس، فإن إسرائيل ستقطع المفاوضات الجارية مع عباس».
وقال المسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية، عاموس جلعاد، «إن ما حدث مجرد اتصالات لن تفضي إلى شيء، لن يكون هناك اتفاق». ورأى أن «حماس تريد أن تعترف السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية بالانقلاب الذي سمح لها بالسيطرة على قطاع غزة. وإن وافق محمود عباس، فإن الأمر سينتهي بسيطرة حماس على الضفة الغربية وذلك سيسجل نهاية منظمة التحرير الفلسطينية». وأضاف «إن أراد محمود عباس الاستمرار في قيادة معسكر السلام، فلا يمكنه الشراكة مع حماس التي تدعو إلى تدمير إسرائيل».
ونقلت الإذاعة الإسرائيلية العامة عن وزير الدفاع إيهود باراك قوله إن الاتفاق «لا يستحق حتى أي رد فعل من قبل إسرائيل». وأضاف «إن إسرائيل لا تتفاوض مع حماس التي هي منظمة إرهابية باستثناء (إجراء) اتصالات غير مباشرة تتعلق بالإفراج عن (الجندي الأسير في غزة) جلعاد شاليط».
وكانت حركتا «فتح» و«حماس» قد وقّعتا، أول من أمس، اتفاق إطار أطلق عليه اسم «إعلان صنعاء» وتعهدتا في خلاله باستئناف المحادثات المباشرة. وجاء في «الإعلان» «نوافق نحن ممثلي حركتي فتح وحماس على المبادرة اليمنية كإطار لاستئناف الحوار بين الحركتين للعودة بالأوضاع الفلسطينية إلى ما كانت عليه قبل أحداث غزة». وشدّد على «وحدة الوطن الفلسطيني أرضاً وشعباً وسلطة واحدة».
وحث الرئيس اليمني علي عبد الله صالح الجانبين على بدء حوارهما في نيسان. وقال إن اليمن «ستطلب من القمة العربية إقرار المبادرة كخطة عربية مشتركة».
إلى ذلك، من المقرر أن يصل إلى الرياض اليوم الثلاثاء الرئيس اليمني في زيارة رسمية تستمر يوماً واحداً يجري خلالها مباحثات مع الملك السعودي عبد الله تتركز على جهود المصالحة بين حركتي «فتح» و«حماس».