لم تنفع وعود رجب طيّب أردوغان بتوظيف 12 مليار دولار لتنمية مناطق أكراد تركيا في الحؤول دون تحوّل عيد النوروز (رأس السنة الكرديّة) إلى مناسبة لأعمال العنف السنويّة بين الأكراد والجيش التركي وشرطته. والاشتباكات طالت المناطق الكرديّة في سوريا أيضاً، إذ قُتل 3 سوريّين أكراد يوم الجمعة الماضي في مدينة القامشلي في اشتباكات مع قوات الأمن، ما استدعى إدانة رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني، ومطالبته الرئيس السوري بشار الأسد بأن يتدخّل «لمنع تكرار مثل هذه الجريمة وأن يجري تحقيقاً لمعرفة الجناة ومعاقبتهم».صحيح أنّ أعمال العنف في تركيا أودت على مدى الأيّام الثلاثة الماضية بحياة متظاهرين كرديّين في جنوب شرق البلاد، إلا أنّ الأبرز بقي كشف النقاب عن قضيّة توقيف عدد من القياديّين في عصابة «ergenekon» ليصل مجموع عدد هؤلاء الموقوفين إلى 44 شخصاً، معظمهم من النخب الحزبية والإعلامية والعسكريّة في اليمين القومي التركي.
الأهم في ذلك، كان ظهور الإشارات الأولى على الارتباط بين قضيّتي الدعوى التي تقدّم بها المدّعي العام التمييزي عبد الرحمن يالتشينكايا إلى المحكمة الدستورية لحظر حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، والعصابة القوميّة التي تُتَّهم بالوقوف خلف عدد من الجرائم الكبيرة التي عرفتها البلاد.
الربط بين القضيّتين كان عبارة عن الكشف عن أنّ نصّ الدعوى التي تقدّم بها يالتشينكايا، عُثر عليه مسَجَّلاً على حاسوب أحد الأشخاص الـ14 الذين اعتُقلوا أوّل من أمس بتهمة الانتماء إلى الشبكة الإجراميّة. واللافت في الموضوع أنّ تاريخ تسجيل الملفّ القضائي على أجهزة هؤلاء، يسبق تاريخ تقديم الدعوى بيومَين.
ومن بين هؤلاء الذين أوقفوا، رئيس حزب العمّال دوغو بيرينشيك، والكاتب الشهير في صحيفة «جمهورييت» العلمانيّة ايلهان سلجوق والرئيس السابق لجامعة إسطنبول كمال عالمدار أوغلو. وصباح يوم أمس، أُفرِج عن المعتقلين بسند إقامة مع منعهم من السفر حتّى تنتهي التحقيقات معهم، ما عدا رئيس حزب العمّال (حزب ماوي سابق) الذي أُحيل إلى المحكمة بتهمة الانتماء إلى ergenekon.
خبر التوقيفات انفردت صحيفة «ترف» بنشره قبل أن تتداوله وسائل الإعلام جميعها. وعلى الرغم من أنّ الصحيفة لم تعلن عن هويّة الشخص الذي وُجِد لديه ملفّ الدعوى القضائيّة، إلا أنّ المهم يبقى أنّ الربط بين العصابة والملفّ القضائي المنتظَر أن تبتّه المحكمة الدستوريّة قريباً، بات مؤكّداً. وقد أدّى خبر التوقيفات إلى توجيه القوى العلمانيّة التهم لأردوغان وحزبه، بالتستّر على قضيّة ergenekon لتصفية حسابات سياسيّة مع العلمانيّين.
(الأخبار)