القاهرة ـ خالد محمود رمضانفي ما يراه البعض بمثابة استعادة لحلفاء مصر التقليديّين، على غرار ما فعله الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، شهد الرئيسان، المصري حسني مبارك والروسي فلاديمير بوتين، في موسكو أمس، مراسم التوقيع على اتفاق التعاون في مجال الاستخدامات السلميّة للطاقة الذريّة، وهو ما ذكّر بأهمّ المشاريع وأضخمها التي بناها السوفيات في مصر: السد العالي.
ورغم أنّه يُعدّ حليفاً استراتيجياً للإدارة الأميركية، إلّا أنّ مبارك توجّه إلى موسكو وهو يبحث عمّن يساعده في بناء برنامجه النووي السلمي. لكن هل كان يملك الخيار في ظلّ تخوّفات شعبيّة من إمكان أن تصادر إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش هذا البرنامج بفعل الضغوط الإسرائيليّة؟ يقول البعض إنّ واشنطن عرضت المساهمة، لكن في أروقة الرئاسة المصريّة بقيت هذه المساعدة عند هامش الخطابات الإعلاميّة، ولم يتبعها أيّ عمل على الأرض.
في المقابل، تتزايد الضغوط الشعبيّة على مبارك ليحذو حذو إيران في امتلاك برنامج نووي، وتزداد الأمور تعقيداً عندما يتّخذ ابنه، جمال، من هذه الخلفيّة محاولة لزيادة شعبيّته لدى البسطاء الحالمين بالذرّة، غير آبهين بمن يحكم أو بملفّ التوريث.
وعملياً، وقّع وزير الكهرباء والطاقة المصري، حسن يونس، مع المدير العام لشركة «روس آتوم» الروسيّة للطاقة الذرية، سيرغي كيريينكو، اتفاقاً بهدف إتاحة الفرصة للشركات الروسيّة للمشاركة في مناقصة بناء المحطات الكهروذريّة في مصر.
والاتفاق ذو طابع إطاري وينصّ على إمكان تنفيذ مشاريع معيّنة مستقبلاً في مجال إعداد الكوادر للعمل في منشآت الطاقة النوويّة ومراقبة أمن هذه المنشآت وفاعليّة أدائها، حيث تُقدّر تكاليف بناء أوّل محطة كهروذرية في مصر بما يتراوح بين 1.5 و2 مليار دولار.
وأبدى مبارك سعادته بتوقيع هذا «الاتّفاق الهام»، مشيراً إلى أنّه يؤسّس «لمجال جديد وحيوي في علاقات التعاون بين مصر وروسيا، ويعكس متانة هذه العلاقات والثقة المتبادلة والرغبة المشتركة في المزيد من تدعيم أواصر الصداقة».
أمّا سياسياً، ففي مؤتمر صحافي مشترك مع بوتين، قال مبارك إنّه اتّفق ونظيره الروسي على ضرورة «احتواء التصعيد في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة، ورفع الحصار عن قطاع غزة، وإعادة فتح معابره بما يوفر الأجواء المؤاتية لاستئناف المفاوضات بين السلطة الفلسطينيّة وإسرائيل».
من جهته، أعرب بوتين عن أمله أن تساعد القمّة العربية في دمشق على تعزيز وحدة الموقف العربي، وخصوصاً تجاه فلسطين، مؤكّداً أنّ «إقامة دولة فلسطينيّة ممكنة فقط في حال استعادة وحدة الصف الفلسطيني».
وذكر بوتين أنّ بلاده تجري محادثات مع الأميركيّين والإسرائيليّين والعرب لعقد «مؤتمر موسكو» الخاص بالتسوية في الشرق الأوسط، وأن التحضير له قد أوشك على الانتهاء.
ورداً على سؤال عن تصوّر روسيا للمؤتمر الذي تدعو إلى عقده، وما إذا كان سيكون بمثابة «أنابوليس 2»، أم سيُطلق عليه اسم «روسيا 1»، قال مبارك: «لا أريد الحديث عن أنابوليس أو غير أنابوليس، وعند الحديث عن مؤتمر موسكو فليس المهمّ هو الأسماء، ولكنّي أرى أنّه لا بدّ من تقويم للمواقف وما الذي حدث من نتائج حول الأوضاع في الشرق الأوسط».
وردّ بوتين قائلاً: «إذا ما عقد هذا المؤتمر، فإننا نريد بالطبع أن يكون اسمه مؤتمر موسكو، وألّا يكون هناك في المؤتمر وضع خاص بأيّ دولة، بل أن يكون مؤتمراً لجميع القوى والأطراف»، مشيراً إلى أنّ بلاده «تُمهل نفسها بعض الوقت حتى تبني صورة كاملة وتستطيع التوصّل إلى اتفاقات لدفع السلام نحو الأمام».
وشدّد الرئيس الروسي على تطابق مواقف روسيا ومصر تجاه مسائل التسوية الشرق ـ أوسطية والعراق وإيران، وقال إنّه اتفق ومبارك على «العمل من أجل وقف تصاعد العنف في الأراضي المحتلة، واتّخاذ الإجراءات الكفيلة برفع الحصار عن قطاع غزة».