strong>شهيرة سلومتوّج سيد يوسف رضا جيلاني مسيرته السياسية رئيساً لحكومة الائتلاف الوطني الذي شكّل من الفائزين في الانتخابات التشريعية الأخيرة، التي أعادت تشكيل السلطة
في باكستان (حزب الشعب وحزب الرابطة الإسلامية جناح نواز شريف، وحزب عوامي الوطني، وجماعة أئمة الإسلام وحركة القائمة المتحدة)، بعدما كان رفيقاً لبنازير بوتو على الحلو والمرّ، وزميلاً لزوجها آصف زرداري في زنزانته
ينحدر سيد يوسف رضا جيلاني (56 عاماً) من عائلة كبار مالكي الأراضي في مولتان جنوب مقاطعة البنجاب صاحبة الثقل السياسي في باكستان. بدأ رحلته السياسية في عهد الجنرال ضياء الحق عام 1978 مع حزب الرابطة الإسلامية (الذي كان آنذاك موحداً)، وانضم إلى لجنة العمل المركزية للرابطة المسلمة، قبل أن يصبح وزيراً في حكومة محمد خان جونيجو لمدة ثلاث سنوات، لينضم بعدها إلى حزب الشعب في عام 1988 ويصبح وزيراً في حكومة بنازير بوتو، إلى أن انتخب رئيساً للجمعية الوطنية عام 1993 حتى شباط 1997.
كان رفيقاً لبوتو وزوجها في أبرز محطاتهما السياسية. صاحبهما في السلطة والمحاكمة والسجن. لذلك كان أحد أبرز الخصوم السياسيين للرئيس برويز مشرّف. أُوقف في 11 شباط عام 2001 على خلفية تهم فساد وإساءة استخدام السلطة يوم كان رئيساً للجمعية الوطنية. وُجّهت إليه التهم من قبل المكتب الحكومي لمكافحة الفساد الذي أسّسته حكومة الجنرال مشرّف بعد انقلابه الأبيض على حكومة نوّاز شريف في عام 1999، وحُكم عليه بالسجن لمدّة عشر سنوات. إلا أنّه أمضى أقل من ست سنوات منها قبل أن يُطلق سراحه في تشرين الأول عام 2006 من سجن «أديالا». قيل حينها إنّ إطلاقه أتى نتيجة صفقة أبرمها مع نظام مشرّف وهو ما نفاه بدوره.
في هذا الوقت، كان علي زرداري قابعاً في السجن أيضاً على خلفية تهم فساد مشابهة، فكان جيلاني رفيقاً له. تهم ادّعى من نُسبت إليهم أنّها تأتي في سياق المعركة التي خاضها مشرّف ضدّ أركان المعارضة وعلى رأسهم مناصرو حزب «الشعب».
في سجنه، كتب جيلاني كتاباً دعا فيه إلى إلغاء التعديلات الدستورية التي أجراها مشرّف، ولا سيما تلك المتعلّقه بحقّه في إقالة الحكومة (يستطيع حزب الشعب تعديل الدستور بغالبية الثلثين في البرلمان وهو ما يستطيع تأمينه حالياً مع حلفائه).
لم يكن جيلاني المرشّح الأقوى للمنصب، بل كان زميله مخدوم أمين فهيم. حاول المراوغة في البداية مبدياً عدم اهتمامه بالمنصب قبيل انتخابه داخل الجمعية الوطنية، وحين سُئل عن رئاسة الحكومة أجاب «الطريق من سجن أديالا إلى مقرّ رئاسة الوزراء قصيرة جداً».
لقد سبق وأعلن زرداري بعد أيام من وفاة زوجته أنّ مرشح حزب الشعب لرئاسة الحكومة هو فهيم، إلا أنّ المعادلة تغيّرت بُعيد الانتخابات التشريعية. البعض يقول إنّ السبب يعود إلى طمع زرداري بالكرسي لنفسه، لذلك أراد إبعاد فهيم ليقوم بعدها بإتمام الإجراءات اللازمة لاحتلال المنصب، أولها تبرئة ذمته القانونية من خلال إسقاط تهم الفساد الموجّهة إليه، وهو ما حصل منذ أسابيع، وثانيها الحصول على مقعد نيابي من خلال انتخابات فرعية في الدائرة العائدة إلى بوتو تجري في أيار يحقّق عبرها الشرط الدستوري لتولي رئاسة الحكومة.
طموح زرداري أثار مخاوف من أن يصبح جيلاني مجرّد دمية بأيديه، غير أن صحيفة «ذي نيوز» نقلت الخميس الماضي عن زوج بوتو قوله إن جيلاني سيكون رئيس الوزراء لخمس سنوات لا لثلاثة أشهر.
أما البعض الآخر فيُرجع سبب إبعاد فهيم إلى علاقته الخفية مع مشرّف، ما شكّل سبباً لاعتراض عدو الأمس وحليف اليوم نوّاز شريف على ترشيحه. لقد كان فهيم رفيقاً لبوتو خلال مفاوضاتها على تقاسم السلطة مع مشرّف، والتي أسفرت عن إسقاط تهم الفساد ضدّها وسمح لها بالعودة إلى ديارها بعد ثماني سنوات في المنفى، ما جعله يتنقل في ما بعد بين الزعيمين لإجراء المصالحة، كما أجرى لقاءً سرياً مع مشرّف في كانون الثاني الماضي.
ومن المؤكّد أنّ جيلاني، الذي أدّى اليمين الدستورية أمام مشرّف أمس في حفل قاطعه زرداري وشريف، سيرأس حكومة ستواجه ملفات شائكة ومصيرية، في مقدمها ملف الإرهاب والمواجهة العسكرية مع المتمرّدين، حيث سيعمد إلى استبدال استراتيجية مشرّف بالحوار ووقف قتال المتمرّدين، إضافة إلى الملف الاقتصادي الساخن مع ازدياد أسعار المحروقات والسلع الغذائية.