الحكم بسجن رئيس تحرير لحديثه عن صحّة مباركالقاهرة ــ الأخبار
قرّرت محكمة مصرية أمس سجن رئيس تحرير جريدة «الدستور» المستقلة إبراهيم عيسى لمدة ستة أشهر مع الأشغال الشاقة بعدما أدانته بتهمة نشر أخبار كاذبة عن صحة الرئيس حسني مبارك وإلحاق الضرر بالاقتصاد القومي.
ورغم تعهد مبارك عدم التعرّض للصحافيين المناوئين له، إلّا أنّ ذلك لم يحُلْ دون إصدار قرار المحكمة التي قضت أيضاً بدفع 2000جنيه مصري لإيقاف التنفيذ واستئناف القرار. وقالت المحكمة في حيثيات حكمها على عيسى إنها استبعدت تطبيق المادة 102 مكرّر من قانون العقوبات على المتهم لأنّها من جرائم «أمن الدولة طوارئ». وأضافت أنّ الحكم الصادر فيها يكون حكماً نافذاً، وليس فيه استئناف، بينما طبّقت المادة 188 التي تُعطي له حقّ الاستئناف على الحكم الصادر ضدّه، حيث أدين بنشر أخبار وبيانات وشائعات كاذبة بما من شأنه تكدير السلم العام وإثارة الهلع بين الناس وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة. وذكرت المحكمة أنّ ما نُشِر أدّى إلى إشاعة روح القلق والاضطراب لدى المواطنين، وانعكس على الأوضاع السياسية والاقتصادية، ومن ذلك التأثير سلباً على تصرّفات وقرارات أصحاب رؤوس الأموال المتعاملين بسوق الأوراق المالية والمستثمرين.
وقال القاضي في نطق حكمه إنّ «المحكمة اطمأنت لتوافر القصد الجنائي عند إبراهيم عيسى لتكرار نشره الأخبار الكاذبة عن صحة الرئيس مبارك رغم علمه بعدم صحتها». وأضاف أنّ «نشر هذه الأخبار أدى إلى تدافع المستثمرين لسحب استثماراتهم، وسبّب انهيار بورصة الأوراق المالية، كما أدى إلى تحمّل الاقتصاد المصري خسائر بلغت 350 مليون دولار».
ورأى عيسى أنّ «خصمه في هذه القضية كان الرئيس المصري». وعلّق على الحكم الصادر بحقه بالقول إن «الرسالة التي يبعث بها حكم مبارك تقول: ممنوع الاقتراب، ممنوع اللمس، ممنوع الانتقاد». وأكّد أنّ من حق المجتمع أن يناقش أحوال رئيسه الصحية. ووصف قرار المحكمة بأنّه «تعبير عن مأزق نظام مستبدّ»، لذلك رأى أنّ «من الطبيعي أن تصدر هذه الأحكام عن أنظمة تدافع عن استبدادها وفشلها وإغراقها البلد في أزمات متتالية، كأنّها إشارة لكل صحافي بعدم المساس برئيس الدولة رغم كل المصائب التي يدفعنا إليها النظام».
وأشار عيسى إلى أنّ «الحكم هو إعلان لعداء الدولة الكامل لحرية الرأي والتعبير وإصرارها على سجن الصحافيين ومحاولة لتأكيد تقديس الرئيس مبارك وعدم القبول بأي نقد له أو لسياسته». وتابع ساخراً: «إذا كان سجني سيوصل الخبز للناس في الطوابير أو يحلّ مشكلة المياه الملوّثة أو اختناق المرور فأنا مستعدّ للتنفيذ فوراً».
في المقابل، أدانت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان الحكم ضدّ عيسى. وقال مديرها التنفيذي جمال عيد إنّ «الإدانة التي صدرت هي في حقيقتها إدانة للحكومة المصرية، وكشف لموقفها الحقيقي من حرية التعبير». وأشار إلى أنّ الحكومة مصرّة على الثأر من إبراهيم عيسى وإدانته، وهي في الوقت نفسه تعلم أن حبسه على جريمة مزعومة وملفّقة هو فضيحة كبرى»، واصفاً الحكم بأنّه « تلاعب فج بالعدالة».
وستشهد المحاكم المصرية خلال الأيام العشرة المقبلة أربع قضايا أخرى يحاكم فيها عيسى بتهمة إهانة الرئيس ورموز الحزب الوطني، وبينهم جمال مبارك نجل الرئيس المصري.
وكان مبارك قدّم قبل ثلاث سنوات وعداً بإلغاء عقوبة الحبس في قضايا النشر، إلّا أنّ الحكومة تقدّمت بمشروع قانون لا يحقق الوعد الرئاسي بمنع حبس الصحافيين في جرائم النشر.