بغداد ــ زيد الزبيديوجهت قيادات برلمانيّة اللوم إلى حكومة نوري المالكي لـ«تسرّعها» في القيام بالعمليّات العسكرية في البصرة، في وقت رأت فيه رئاسة الجمهوريّة، في بيان، أنّ هذا التسرّع جاء بعد فوات الأوان، وأنّ الحكومة ما كان يجب أن تترك الأمور لتتفاقم هكذا في جنوب العراق.
وبينما أعربت مصادر نيابيّة عن تفاؤلها بأنّ الأزمة الأمنيّة ـ السياسية، يمكن حلّها من خلال المشاورات، تبدو آفاق الحلّ غامضة، إذا ما افتُرِض نزع السلاح و«حصره بيد الدولة»، كما ينادي بعض السياسيّين، فمثل هذا الحلّ يعني حصر السلاح بيد جهة واحدة، تسيطر ميليشياتها على المرافق الحسّاسة في الدولة.
ويرى المتفائلون أنّ «الحلّ السياسي سيكون من طريق تأليف لجنة برلمانيّة لتقصّي الحقائق والنظر في مطالب التيار الصدري مع احترام هيبة الدولة وسيادتها». وهنا تكمن الرؤية الضبابيّة. لأنّ النظر في مطالب التيار لا ضمانات لها أمام اعتبار «هيبة الدولة» بمثابة ضوء أخضر لسيطرة ميليشيات السلطة.
وأفادت مصادر برلمانية بأنّ هناك اتفاقات تمّت في اجتماع للقوى السياسية ليل أوّل من أمس في منزل رئيس الوزراء السابق، إبراهيم الجعفري، بحضور رئيس مجلس النوّاب محمود المشهداني ورئيس «المؤتمر الوطني العراقي»، أحمد الجلبي، والمتحدث باسم «كتلة التضامن» في «الائتلاف العراقي الموحّد»، قاسم داوود، بالإضافة إلى ممثّل «حزب الفضيلة»، باسم شريف، ورئيس «الكتلة الصدرية»، نصّار الربيعي. وبين ما اتُفق عليه، بند يدعو لعقد جلسة استثنائية لمجلس النوّاب لمناقشة الأوضاع الأمنيّة، وخصوصاً في البصرة، بعد طلب تقدّم به أكثر من 50 نائباً إلى المشهداني. وبالفعل، عقدت جلسة برلمانيّة، أمس، حضرها 54 نائباً من أصل 275 نائباً، فيما تغيّبت الكتلتان الرئيسيّتان في البرلمان، «الائتلاف العراقي الموحد» (شيعة) و«الائتلاف الكردي».
ومن بين المتفائلين بالحلّ السياسي، المشهداني، الذي قال للصحافيين: «سيتمّ تشكيل لجنة في الجلسة الاستثنائية تحدّد لنفسها ورقة عمل وتباشر عملها في اليوم نفسه». وأضاف: «في حال عدم اكتمال النصاب فهناك اجتماع سيعقد في منزلي مع قادة الكتل السياسية، وسيتم تشكيل اللجنة برئاستي ».
وبيّن المشهداني، الذي تبنّى قبل رئاسته البرلمان فكرة مفادها أنه «مجنون من يلقي سلاحه، لأنه يسلّم رقبته بيد الآخرين»، أنّ المالكي «كان عليه أن يأخذ موافقة البرلمان قبل الشروع بالخطة الأمنيّة، إلّا أنّ الظروف الأمنية في البصرة حالت دون ذلك». وذكر أنّ «محاولات إسقاط الحكومة من طريق مجلس النوّاب، مع أنها مكفولة دستورياً، إلّا أنها ستخلق المزيد من الفوضى».
من جهته، قال الجعفري إنّ على الحكومة أن تصوّب بنادقها باتجاه أعداء الشعب وتتحاشى الأبرياء، في وقت يجب أن تسود فيه الحوارات والكلمة الطيّبة فوق صوت البنادق»، إلا أنّه غير واضح أبداً من هم «أعداء الشعب».
أمّا داوود فقد رأى أنّه «يجب أن يسود القانون، لأنّنا في طور بناء دولة القانون والمؤسسات، والبصرة كانت مرتعاً للعصابات والإجرام والسلب والنهب». وموقفه متوافق إلى حدٍّ ما مع رأي رئاسة الجمهورية، التي شدّدت أمس على تأييدها للعمليّة العسكريّة وضرورة عدم استهداف «جيش المهدي».
والسؤال الكبير يبقى: من الذي سمح بكلّ ذلك طوال السنوات الخمس الماضية من عمر الاحتلال، والحكومات التي تعاقبت في هذه المدّة؟