ثلاثون عاماً مرّت على اغتيال القيادي الفلسطيني وديع حداد (أبو هاني)، الذي أرّق دولة الاحتلال الإسرائيلي خلال مراحل عمله الفدائي، التي اقترب بعض منها من أن يكون «أسطورة»، ولا سيما عملية مطار اللد وأوبك.انتظرت إسرائيل 28 عاماً قبل أن تقرّ باغتيال أبو هاني في ألمانيا الشرقية عام 1978 بواسطة شوكولاته مسمومة، في أعقاب تدبيره اختطاف طائرة «إير فرانس» إلى عنتيبي في أوغندا عام 1976. وتأتي الذكرى الثلاثون للشهيد وديع حداد مختلفة عن سابقاتها، إذ صادفت مع مرور ذكرى أربعين يوماً على رحيل رفيق درب كفاحه جورج حبش مؤسس حركة القوميين العرب والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
وعُرف عن الشهيد حداد، الذي ولد في صفد عام 1927، بأنه الطبيب الذي لا يرتاح أبداً، ولم يخش الموت، فهو من دشن بامتياز أسلوب حق الضحية في اختيار طريقة مقاومة جلّادها، فقاد وخطط وأشرف على سلسلة عمليات بطولية حول العالم هزّت أركان دولة الاحتلال وحلفائها ورفع شعار «وراء العدو في كل مكان»، فكانت عملية مطار اللد وعملية أوبك وعملية عنتيبي وعملية مقديشو ومطاردة طائرات «العال» الصهيونية في كل مطار.
كما عُرف عنه تجواله الدائم بين المقارّ السرّية في بيروت ومواعيده الموزعة بين بغداد وعدن ومقديشو، كما عرف برجل الاستطلاع واختيار الأهداف وإعداد الوثائق والمنفذين وتحديد ساعة الصفر. لم تستهوه لعبة الصفوف الأمامية، وبريق المواكب والصالونات، ومتعة الابتسام أمام العدسات، لم يدل بحديث صحافي ولم يترك مذكرات، وحين غاب اصطحب معه غابة أسراره.
(الأخبار)