بغداد ــ الأخباربعد ستة أيام من المعارك، ساد هدوء هشّ أمس المناطق التي شهدت اشتباكات بين القوات الحكومية و«جيش المهدي» التابع للتيار الصدري، في ظلّ تأكيد أكثر من مسؤول عسكري وحكومي عزم الحكومة على استئناف الحملة، رغم ترحيب واشنطن وبغداد بدعوة مقتدى الصدر لوقف المظاهر المسلحة.
ووصفت الولايات المتحدة على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية، توم كايسي، قرار الصدر بأنه «خطوة إيجابية». وأضاف كايسي: «من المهم أن يتعاون كل العراقيين مع الحكومة وأن يعملوا في إطار النظام السياسي القائم».
في المقابل، أكد مدير العمليات في وزارة الدفاع العراقية، اللواء الركن عبد العزيز محمد العبيدي، إن تعزيزات عسكرية جديدة وصلت إلى مدينة البصرة للمشاركة في عملية «تطهيرها من المجرمين والمطلوبين ومن حملة السلاح». وأضاف، في مؤتمر صحافي مشترك مع المتحدث باسم الحكومة العراقية علي الدباغ في بغداد، أن العمليات «لن تنتهي حتى يستقر الوضع ويكون آمناً».
وأعلن الدباغ «أن رئيس الوزراء نوري المالكي لن يعود إلى بغداد إلا بعد انتهاء العمليات العسكرية في البصرة». وجدد «ترحيب الحكومة بقرار السيد مقتدى الصدر إلغاء كل المظاهر المسلحة للتيار الصدري في البصرة وعموم العراق، وأن الحكومة لن تلاحق قانوناً من يسلم سلاحه خلال المهلة التي حددها رئيس الوزراء»، والتي تنتهي غداً. ونفى دخول الحكومة في مفاوضات مع الصدر، مشيراً إلى أنه «كانت هناك جهود من كتل سياسية وأحزاب وبعض الشخصيات».
وأتى كلام الدباغ ردّاً على تقارير إعلامية نقلت في وقت سابق عن النائب عن الكتلة الصدرية، صالح العكيلي، تأكيده أن «بيان الصدر جاء في إطار اتفاق بينه وبين وفد حكومي ضم القيادي في حزب الدعوة علي الأديب ورئيس منظمة بدر هادي العامري». وذكرت مصادر أن النائبين العامري والأديب توجها إلى العاصمة الإيرانية، حيث يعتقد عدد من المراقبين أن الصدر موجود هناك، بهدف حث طهران على وقف تدفق الأسلحة إلى جيش المهدي، والضغط عليه من أجل التوصل إلى اتفاق «يحفظ ماء الوجه».
ورحب المالكي بإعلان الصدر، ووصفه بأنه «خطوة إيجابية». وأكد في تصريحات للصحافيين في البصرة أنه أصدر الأوامر للقوات «بضرورة احترام الذي حصل من أجل أن نعطي فرصة أخرى لمن يريد أن يستفيد من هذه الفرصة». لكنه حذّر من أن «الجماعات المسلحة التي سترفض الاستجابة للبيان والانسحاب وترفض الاستجابة للعفو الذي قدمناه، ستبقى بالنسبة إلينا أهدافاً، وخصوصاً أولئك الذين سيحتفظون بأسلحة ثقيلة». وأكد أن العمليات العسكرية في البصرة ستستمر «لإيقاف كل النشاط الإرهابي والإجرامي ونشاط العصابات المنظمة التي تستهدف المواطنين».
وفي حصيلة أولية، أعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء عبد الكريم خلف «مقتل 215 شخصاً وإصابة 155 آخرين، بالإضافة إلى اعتقال 600 مشتبه فيهم» هي «الخسائر في صفوف المسلحين» خلال الاشتباكات. وأشار إلى أن وزير الداخلية جواد البولاني أوعز أمس إلى جميع الأجهزة الأمنية التابعة لوزارته «بوقف عمليات الدهم والاعتقالات من دون إذن قضائي»، في اعتراف غير مباشر بحدوث عمليات دهم واعتقالات خارج إطار القضاء العراقي.
وأظهر إحصاء لوكالة «فرانس برس» أن 461 شخصاً على الأقل لقوا حتفهم خلال الاشتباكات، وجرح أكثر من 1100. ولم تتضح حتى الآن نتائج العملية العسكرية التي دفعت القوات البريطانية، للمرة الأولى منذ انسحابها من البصرة، إلى الانتشار خارج القاعدة الجوية في المدينة. وأفاد شهود عيان بأن جيش المهدي لا يزال يسيطر على الأحياء التي تُعَدُّ معاقله في المدينة الجنوبية، كما في أحياء مدينة الصدر التي لا تزال مغلقة.
وأفادت صحيفة «التايمز البريطانية» بأن وزير الدفاع البريطاني ديس براون سيعلن رسمياً اليوم أمام البرلمان تجميد خطة خفض عدد قواتها في جنوب العراق، «إلى أن تتضح صورة الأوضاع الأمنية في البصرة».
ميدانياً، أعلن الجيش الأميركي في 4 بيانات منفصلة مقتل أربعة جنود أميركيين، أحدهم من المارينز، في تفجير عبوات ناسفة أثناء مرور دورياتهم. وأدى هجوم بقذائف الهاون والصواريخ على «المنطقة الخضراء» إلى إغلاقها بالكامل، فيما أفاد المتحدث باسم الجيش الأميركي الرائد مارك تشيدل بوقوع اشتباكات في عدد من أحياء العاصمة العراقية في ساعة مبكرة من الصباح، أدت إلى مقتل 41 «متمرداً».