strong> مي الصايغ
أعاد الهجوم على السفارة الإسرائيلية في العاصمة الموريتانية، نواكشوط، الجدل بشأن تطبيع العلاقات مع تل أبيب إلى دائرة الضوء، وجاء ليدحض فرضية عدم تحول موريتانيا إلى مسرح للإرهاب، غداة تبني تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» لهذا الهجوم.
فموريتانيا هي إحدى الدول الثلاث في جامعة الدول العربية بعد مصر والأردن، والبلد الوحيد في منطقة المغرب العربي الذي لديه علاقات دبلوماسية صريحة وواضحة مع إسرائيل منذ عام 1999، تترجمه السفارة الإسرائيلية الموجودة في نواكشوط منذ عهد معاوية ولد الطايع. ولو أن الرئيس الحالي سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله تفادى مرات عديدة الحديث في هذا الموضوع، ما يفسر ضمناً عدم وجود نية تراجع عن هذا التطبيع، ولا سيما أنه كان قد تعهد في نيسان 2007 بتنظيم نقاش شعبي بشأن الإبقاء على العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل أو قطعها، الا أنه حتى الآن لم يتخذ أي مبادرة في هذا الصدد.
غير أن تظاهرات الشارع الموريتاني في العديد من المرات لطرد السفير الإسرائيلي وتهديد التنظيمات الطلابية بمواصلة التعبير عن رفض العلاقات الدبلوماسية مع تل أبيب، دفع بعض الأوساط السياسية إلى تبني هذا المطلب. وأعلن رئيس الجمعية الوطنية الموريتانية (مجلس النواب)، مسعود ولد بلخير، أن «غزة الحبيبة على قلوبنا لا تزال مكبلة بالاحتلال والتجويع والحصار والقتل، ما يدعونا نحن نواب الشعب الموريتاني إلى أن نطالب الحكومة الموريتانية بإعادة النظر في علاقات مشينة مع كيان يقتل إخوتنا ويحتل أراضيهم ويحاصرهم». وهو مطلب أيدته أحزاب من المعارضة في رسالة إلى الرئيس الموريتاني.
من جهة أخرى، أتى الهجوم بالأسلحة الرشاشة على السفارة الإسرائيلية فجر الجمعة الماضي بعد الهجمات التي تعرّض لها جنود موريتانيون ومقتل سياح فرنسيين، على أيدي مسلحين ليؤكد بأن موريتانيا لم تعد في منأى عن الإرهاب، وأن ما يحدث ليس أعمالاًَ عشوائية أو استعراضية، رغم اعتبار ولد الشيخ عبد الله أن ظاهرة الإرهاب غريبة عن موريتانيا.
وإلى جانب تطبيع موريتانيا مع إسرائيل الذي يرفضه عدد كبير من الموريتانيين، هناك أمر آخر يثير الجدل في البلاد، وهو التقرب الكبير بين نواكشوط وواشنطن أخيراً، ما جعل البعض يتحدث عن تعاون عسكري بين البلدين واعتزام واشنطن نقل قاعدتها العسكرية «أفريكوم» من ألمانيا إلى موريتانيا، في إطار المساعي التي تقودها لمحاربة الإرهاب وملاحقة تنظيمات «القاعدة في المغرب» وجوارها الأفريقي، وهو ما لا يخدم الجماعات المسلحة التي تنشط في المنطقة بطبيعة الحال.