strong>مجزرة للاحتلال وإخفاق في قوانين الموازنة والمحافظات وساركوزي يستعجل الانسحاب من العراق
انطلقت عمليّاً التحضيرات للتفاوض الأميركي ــــ العراقي بشأن الاتفاقية «الطويلة الأمد» بين البلدين، التي ستبدأ في الأسبوع الثالث من الشهر الجاري، في وقت اعترفت قوات الاحتلال بارتكاب مذبحة جديدة بحقّ 9 عراقيّين بذريعة «الخطأ غير المتعمّد».
وتزامنت الجريمة الأميركية، مع حادثين؛ أوّلهما ميداني، حيث قُتل جنديّان أميركيان في بغداد والموصل وأصيب 5 آخرون بعبوة ناسفة شرق بغداد. والثاني كشفت عنه صحيفة «نيويورك تايمز» نقلاً عن وثائق أميركية بقيت سرية منذ عام 2005، قرّرت خلالها الإدارة الأميركية تعديل قواعد الاشتباك لقوّاتها في العراق، ما يخوّلها مطاردة «المتمرّدين والإرهابيين» داخل الأراضي السورية والإيرانية.
ونصّت الوثائق على السماح للجنود الأميركيين بعبور الحدود الدوليّة مع سوريا أو إيران، والتحليق فوق أجواء البلدين، بعد الحصول على إذن من وزير الدفاع، على أن يتطلّب الأمر موافقة الرئيس جورج بوش «في بعض الأحيان». واللافت أنّ الوثائق تضمّنت تعليمات بشأن التعامل مع زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، الذي جرى تجميد وضعه كـ«خصم معاد»، لن تجري مهاجمته مع مساعديه إلا في حال الدفاع عن النفس.
وفي حيثيّات المجزرة الأميركية، اعترف جيش الاحتلال بأنه قتل «بطريق الخطأ» تسعة مدنيين أثناء مطاردته لمقاتلين من تنظيم «القاعدة» جنوب بغداد.
إلا أن المجازر المتنقّلة، لم تمنع المجلس السياسي للأمن الوطني العراقي، من تحديد موعد بدء المفاوضات مع الأميركيين، وذلك في اجتماع عقده ليل أول من أمس، برئاسة الرئيس جلال الطالباني، وحضور نائبيه، ورئيس مجلس النواب ونائبيه، وممثل عن رئيس إقليم كردستان، إضافة إلى ممثّلي عدد من الكتل السياسية. وجرى خلاله وضع آلية تحديد الوفد المفاوض ومستوى أعضائه وعدد اللجان المنبثقة منه وطبيعة عملها وصلاحياتها التفاوضية، وكيفية تنسيق عمل هذه اللجان.
وبعد الاجتماع، صدر عن المتحدّث باسم الحكومة، علي الدباغ، بيان أعلن فيه أنّ المفاوضات بشأن اتفاقية «التعاون والصداقة الطويلة الأمد» بين بغداد وواشنطن ستبدأ خلال الأسبوع الثالث من الشهر الحالي.
وفيما تستعجل حكومة نوري المالكي موعد إبرام الاتفاقيّة، التي يظهر بعض بنودها الأوّليّة أنّها ستتضمّن تسليماً لجزء كبير من السيادة العراقية إلى الولايات المتّحدة، شهدت قاعات مجلس النواب، أمس، حلقة جديدة من الإخفاقات، إذ فشل النواب في إقرار موازنة عام 2008، مع إرجاء التصويت النهائي عليها حتّى يوم الخميس المقبل، فيما انسحب عشرات النواب من التيار الصدري و«جبهة التوافق» وحزب «الفضيلة» من الجلسة، احتجاجاً على مواد في مشروع قانون مجالس المحافظات، بحجّة أنها «تمنح صلاحيات أوسع لحكومات هذه المحافظات على حساب إضعاف الحكومة المركزية».
وأدّى الانسحاب إلى إخفاق البرلمان في تحقيق النصاب القانوني، وتأجّل التصويت على المشروع إلى اليوم، الثلاثاء.
وقانون المحافظات هو واحد من القوانين المطلوب إقرارها أميركياً من ضمن ما تسمّيه واشنطن «رزمة قوانين المصالحة الوطنيّة»، التي لم يُقرّ منها حتّى اليوم سوى تعديل قانون «اجتثاث البعث»، «العدالة والمساءلة».
أمّا الإشكال الذي عاق التصويت على الموازنة، فهو المشكلة مع الأكراد الذين يطالبون بمخصّصات تراها الكتل العربية «كبيرة» لإقليم كردستان العراق، وهي نسبة 17 في المئة من الموازنة العامّة، أي نحو 47 مليار دولار.
وكانت بلاد الرافدين قد شهدت حادثاً بارزاً، تمثّل بتأليف كتلة سياسيّة جديدة، هي «الكتلة العربية للحوار الوطني» برئاسة صالح المطلك، من خلال اندماج أعضاء الجبهة العراقية للحوار الوطني، وعددهم 11 نائباً، مع الكتلة العربية المستقلة وعدد نوابها 9.
على صعيد آخر، عادت الأزمة بين العراق وإيران إلى الصدارة، على خلفيّة ما كشفه المسؤول في هيئة النزاهة العراقية، موسى فرج، أول من أمس، من أنّ إيران استولت على أكثر من 15 بئراً للنفط في منطقة الطيب الحدودية جنوب البلاد، وجرى توثيق التجاوزات الإيرانية على الآبار العراقية. وسلّمت وزارة الخارجية العراقية السفارة الإيرانية لدى بغداد مذكّرة احتجاج على «التجاوزات الإيرانية على الحقول النفطية المشتركة بين البلدين». ومن بوخارست، استعجل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، الذي يزور رومانيا حالياً، تسلّم العراقيين السيادة على بلادهم، وانسحاب الأميركيين. وقال لصحيفة «إيفينيمنتول زيلاي» الرومانية، «العالم اليوم يعيش في منطق انسحاب من العراق».
(الأخبار، أ ب، أ ف ب،
يو بي آي، رويترز)