واشنطن ــ الأخبار
•أوباما يتعقّب هيلاري وماكين يغازل المحافظين... ولا حسم متوقّعاً
بعد طول انتظار، يحلّ اليوم على الناخبين الأميركيين «الثلاثاء الكبير»، الذي يحدّد شكل المواجهة الرئاسية المرتقبة بين الجمهوريين والديموقراطيين، ويقرّب المرشحين الفائزين من جولة الحسم في تشرين الثاني المقبل لاختيار السيّد الجديد للبيت الأبيض
يقرر الناخبون الأميركيون في 22 ولاية أميركية اليوم مرشحهم الحزبي لخوض انتخابات الرئاسة الأميركية من بين المرشحين الديموقراطيين والجمهوريين.
ويتنافس كل من هيلاري كلينتون وباراك أوباما على اقتناص العدد الأكبر من إجمالي 1681 مندوباً يمثلون هذه الولايات في المؤتمر القومي للحزب الديموقراطي الذي سيعقد في آب المقبل في مدينة دينفر في ولاية كولورادو. ويبلغ إجمالي عدد المندوبين الذين سيشاركون في المؤتمر القومي للحزب الديموقراطي 4049، بينهم 796 يطلق عليهم اسم «المندوبين الكبار»، وهم برلمانيون من الحزب تركت لهم حرية الاختيار. ويجب على من يريد الفوز بترشيح المؤتمر أن يحصل على الأقل على 2025.
وعلى الجانب الجمهوري، يتنافس أربعة مرشحين هم: جون ماكاين وميت رومني ومايك هاكابي ورون بول في 21 ولاية يبلغ إجمالي مندوبيها 1023، فيما يتوقع إلى حد كبير أن تتحول الانتخابات إلى منافسة بين كل من ماكاين ورومني.
ويبلغ إجمالي عدد المندوبين في المؤتمر القومي للحزب الجمهوري 2380، يجب على الفائز بترشيح الحزب الحصول على 1191 منهم. وفي ظل التنافس الشديد بين المرشحين، فإن المراقبين يتوقعون ألا يكون «الثلاثاء الكبير» حاسماً.
وقد ضربت ميزانية الدعاية في حملة الثلاثاء رقماً قياسياً، إذ قدرت بنحو 20 مليون دولار (90 في المئة) أنفقتها حملتا هيلاري وأوباما، بينما نالت كاليفورنيا نصيب الأسد منهما حيث أنفق فيها أوباما نحو 4 ملايين دولار في مقابل 3.5 ملايين أنفقتها هيلاري.
وتعدّ كاليفورنيا واسطة العقد للناخبين من الحزبين، حيث يمثلها 370 مندوباً في المؤتمر القومي للحزب الديموقراطي و170 مندوباً في مؤتمر الحزب الجمهوري الذي سيعقد في مينيسوتا في أيلول المقبل. كما يشير أحدث استطلاع للرأي إلى تقدم هيلاري بنحو ثلاث نقاط عن أوباما في كاليفورنيا.
جمع أوباما حتى الآن أصوات 63 مندوباً، في مقابل 48 مندوباً لهيلاري التي تتمتع بعدد أكبر من مبايعات نخبة «المؤسسة الحزبية الديموقراطية»، والذين يمثلهم «المندوبون الكبار»، وهم أعضاء الكونغرس الديموقراطيون ومسؤولو الحزب، ما يضعها في المقدمة بإجمالي 256 صوتاً مقابل 181 لأوباما. غير أن محللين يعتقدون أن مبايعة العضو الديموقراطي النافذ في مجلس الشيوخ إدوارد كنيدي لأوباما قد كسرت بالفعل موقف «المؤسسة الديموقراطية»، التي كان معظمها يقف إلى جانب هيلاري.
فقد كان موقف كنيدي بمثابة الصاعقة لهيلاري التي ما لبثت أن دفعت بزوجها بيل كلينتون ليشن هجوماً ضارياً على كنيدي ويتهمه بأنه كان من المؤيدين لمبادرة «التعليم للجميع»، التي أطلقها الرئيس جورج بوش والتي يلقي عليها بالمسؤولية في تدهور أحوال المدارس في ولايته ولا تلقى أي تأييد من الديموقراطيين.
وأسفرت جهود الكفاح القوي لأوباما في كاليفورنيا، مستنداً إلى دعم كنيدي، عن إعلان كبرى الصحف الناطقة بالإسبانية هناك مبايعتها له يوم السبت الماضي. ويمثل المتحدرون من أصول أميركية لاتينية نحو 29 في المئة من إجمالي أصوات الناخبين في كاليفورنيا.
في المقابل، فإن رومني، الذي تؤكد الأرقام أنه فاز الأحد على ماكاين في ولاية مين، قد اختار التنازل عن بعض الولايات الواقعة في الشمال الشرقي من البلاد لماكاين لكي يركز على ولايته ماساتشوسيتس والتعويل على تقاسم كاليفورنيا والفوز في مجموعة من الولايات التي يتم فيها الاختيار من خلال المجالس الحزبية (الكوكس) حتى يتمكن من جمع الوقود الكافي لمواصلة حملة ما بعد «الثلاثاء الكبير».
لكن الخبراء يعتقدون أن هذه الاستراتيجية تنطوي على مخاطرة كبيرة، إذ إنها تعني انفراد ماكاين تقريباً بالولايات الغنية بالمندوبين مثل نيويورك ونيو جيرسي وكنيكتيكت، والتي تضم ثلاثتها 180 مندوباً من إجمالي 1023 يحتاجهم المتسابق للترشح للرئاسة.

ماكاين يدافع عن جمهوريته

رغم شعبيته بين المستقلين والمعتدلين، إلا أن ماكاين سيتعين عليه السعي جاهداً لنيل رضى المحافظين الذين يشكلون القاعدة الأقوى والأكبر من الناخبين الجمهوريين. ودعا ماكاين يوم السبت الماضي المحافظين المتشككين في جمهوريته إلى مساندته باعتباره المرشح الأوفر حظاً حتى الآن والأقرب إلى نيل ترشيح الحزب، وأنه الأفضل للفوز في منافسة هيلاري أو أوباما.
ويتعرض ماكاين لهجمات متتالية من رموز المحافظين من أبواق الإعلام مثل المذيع الشهير روش ليمباوغ والكاتبة الجمهورية الساخرة آن كولتر التي تتمتع بشعبية عارمة. ويحذر ليمباوغ من أن ترشيح ماكاين يمكن أن يدمر الحزب الجمهوري، بينما أشارت كولتير إلى أنها ستروّج لحملة هيلاري إذا فاز ماكاين بترشيح الجمهوريين.
وأشار ماكاين، خلال تجمعات انتخابية في ولاية محافظة جدا في الجنوب الأميركي، إلى 24 سنة من العمل في الكونغرس في معارضة الإجهاض ووعد بتعيين قضاة محافظين في المحكمة العليا متعهداً بـ«عدم الاستسلام» في الحرب على الإرهاب ومطاردة أسامة بن لادن «حتى أبواب جهنم».
وبعدما سجل تقدماً بنحو 20 نقطة على رومني في استطلاع للرأي نشره معهد «غالوب» يوم السبت (44 في المئة مقابل 24 في المئة)، بدا ماكين أكيداً من قدرته على توحيد الجمهوريين رغم أن بعض الشخصيات المحافظة جداً لم تغفر له بعد انتقاداته لقادة اليمين المسيحي جيري فالويل وبات روبرتسون عام 2000 حين كان مرشحاً أيضاً للرئاسة.
ويندد البعض أيضاً بتصويته ضد خفض الضرائب وضد تعديل دستوري يهدف إلى منع زواج مثليي الجنس وتأييده لإصلاح قانون الهجرة الذي يتيح تشريع أوضاع مهاجرين غير شرعيين. ويتعرض أيضاً لهجوم المدسوسين من قبل رومني، إذ يشيعون عنه أنه خارج الخط العام للحزب الجمهوري.

تضاؤل الفروق ديموقراطياً

على جانب الديموقراطيين، يعتقد روبرت شابيرو، أستاذ العلوم السياسية في جامعة كولومبيا، أنه بتقييم العديد من الولايات، فإن الأمور تمضي في مصلحة أوباما، إلا أنه لا يوجد دليل حتى الآن على أنه يتفوق على هيلاري على المستوى القوميوتتقدم هيلاري بجدارة في اثنتين من الولايات الغنية بالمندوبين وهما: نيويورك (232 مندوباً) ونيو جيرسي (107 مندوبين). لكن يسود البلاد اتجاه عام يميل لمصلحة أوباما، إلا أنه ينبئ في الوقت نفسه عن قدرة هيلاري على الصمود. بل يتوقع البعض ألا تحسم انتخابات الثلاثاء السباق بينهما.
لكن يوم أوباما الحقيقي سيكون 12 شباط، حيث ستجرى انتخابات منطقة «البوتوميك» نسبة إلى النهر الذي يمر بالولايات الثلاث التي تشكل منطقة واشنطن الكبرى، وهي واشنطن العاصمة وولايتا فيرجينيا وميريلاند، حيث يتمتع أوباما بشعبية جارفة إلى جانب دعم ومبايعة حكام هذه الولايات، وخصوصاً تيم كين حاكم فيرجينيا، التي يشكل السود فيها ما يتراوح بين 30 و35 في المئة من الناخبين الديموقراطيين، بينما تتمتع واشنطن العاصمة بعدد كبير من المثقفين الذين يميلون لأوباما. ويبلغ عدد المندوبين الديموقراطيين في هذه المنطقة 168 مندوباً.
ويقول الخبير في شؤون الانتخابات، روبرت إريسكون، إنه إذا كان أوباما يتقدم بشكل جيد على صعيد ميول الناخبين، وهو ما تشير إليه كل الحسابات، فمن الممكن أن يكون متقدماً بكثير عن استطلاعات الرأي.
ورغم تقدم هيلاري في ثلاث مناطق هي: أريزونا وكاليفورنيا في الغرب ونيوجيرسي في الشرق، فإن أوباما بدا قريباً جداً من أرقامها في تلك الولايات، إضافة إلى أن المؤشرات الأولية تكشف عن أنه يتقدم بشكل ملحوظ عن هيلاري في اثنتين من ولايات الجنوب التي تتمتع بعدد كبير من الناخبين السود، وهما: ألاباما (52 مندوباً) وجورجيا (87 مندوباً).
لكن هيلاري تبدو صامدة أو متقدمة قليلاً عن نسبة الـ40 في المئة، في مقابل نسبة تتراوح ما بين 30 و40 في المئة لأوباما. ويتقلص هذا الفارق بينهما تدريجاً، ما يهدد وضع هيلاري وربما يقوّض آمالها في مواصلة التقدم الطفيف الذي تتمتع به، ولا سيما أن أوباما بدأ يحسن موقفه في نيويورك، عقر دار هيلاري، وإن كان الهامش الكبير الذي تتقدم به هناك يبدو أنه لا يقهر.
ويبدو السباق بين أوباما وهيلارى حامياً في نيو جيرسي، حيث يشير الاستطلاع إلى تقلص الفارق من 30 نقطة لمصلحة هيلاري في الخريف إلى نحو 6 نقاط فقط في الوقت الحالي.
كما يتقدم أوباما في كنيكتيكت (48 مندوباً) بسرعة أكبر حتى من ماساتشوسيتس (93 مندوباً) التي أعلن حاكمها الديموقراطي ديفال باتريك وممثلوها في مجلس الشيوخ جون كيري وجون كنيدي مبايعتهم له.



المحطات اللاحقة من السباق الرئاسي

في ما يلي أبرز استحقاقات ما بعد «الثلاثاء الكبير» في الانتخابات الرئاسية الأميركية:
- 9 شباط: مؤتمرات حزبية جمهورية في كنساس (وسط) وولاية واشنطن (شمال غرب). انتخابات تمهيدية ديموقراطية وجمهورية في لويزيانا (جنوب). كما ينظم الديموقراطيون مؤتمرات حزبية في ولاية واشنطن ونبراسكا (وسط).
- 4 آذار: انتخابات تمهيدية في خمس ولايات، بينها تكساس (جنوب) وأوهايو (شمال).
- 3 حزيران: آخر الانتخابات التمهيدية الديموقراطية في مونتانا (شمال غرب) وساوث داكوتا (شمال) وآخر المؤتمرات الحزبية الجمهورية في ساوث داكوتا.
25 إلى 28 آب: مؤتمر الديموقراطيين في دنفر (كولورادو، غرب) لتعيين المرشح الديموقراطي رسمياً.
1 إلى 4 أيلول: مؤتمر الجمهوريين في منيابوليس (مينيسوتا، شمال) لتعيين المرشح الجمهوري الرسمي.
4 تشرين الثاني: الانتخابات الرئاسية.
- 15 كانون الأول: اللجنة الانتخابية تعلن النتائج الرسمية.
- 20 كانون الثاني 2009: رئيس الولايات المتحدة الرابع والأربعون يتولى مهماته.