دخلت العلاقة بين الرئيس التشادي ادريس ديبي، وحلفائه الأوروبيّين، مرحلة جديدة بعد هجوم المتمرّدين على نجامينا في عطلة الأسبوع الماضي، حيث وجّه أمس «نداءً رسميّاً» إلى الاتحاد الأوروبي لنشر قوّة «يوفور» في بلاده، وأعلن استعداده للعفو عن متّهمي جمعية «آرش دو زويه» الفرنسيّين، في عرضين قابلتهما باريس بإيجابيّة.ووجّه ديبي، عبر إذاعة «أوروبا 1» الفرنسية، «نداءً رسمياً إلى الاتحاد الأوروبي وفرنسا التي بادرت بتلك الفكرة، لنشر تلك القوة (يوفور) في أسرع وقت ممكن لتخفيف العبء الذي نتحمّله اليوم». ورأى أنه «لو كانت يوفور منتشرة (عند هجوم المتمرّدين) لساعدنا ذلك».
وأكّد الرئيس التشادي أنه «مستعدّ للعفو» سريعاً عن الأفراد الستّة لـ«ارش دو زويه»، المسجونين بتهمة تهريب أطفال أفارقة إلى أوروبا، «إذا طلبت» منه باريس ذلك.
وجدّد ديبي اتهامه للسودان بدعم المتمرّدين، مهاجماً تصرّف الاتحاد الأفريقي في الأزمة. وتابع «بما أنّ الأسرة الدولية لا تقول شيئاً ضدّ السودان وبما أن الاتحاد الأفريقي يتّبع سياسة النعامة، حصل السودان على ضوء أخضر لزعزعة استقرار تشاد».
وتلقّف الأوروبيّون تصريحات ديبي بسرعة، بحيث أعلن المتحدّث باسم «يوفور» الجنرال فيليب دي كوساك من باريس، «إنّنا نعمل بشكل حثيث لاستئناف عملية الانتشار في أسرع وقت اعتباراً من بداية الأسبوع». وأوضح أن انتشار «يوفور»، التي تهدف لحماية لاجئي دارفور، «رهن بالوضع في العاصمة» التشادية ومطارها تحديداً.
ورفضت الخرطوم اتهامات ديبي، وأعلنت وزارة خارجيتها، في بيان لها، «رفضها واستنكارها للتهديدات والادّعاءات التشادية المتكرّرة للسودان بدعم المعارضة التشادية، حتى وصلت إلى حدّ تهديد وزير خارجية تشاد باجتياح السودان»، وهو التهديد الذي وصفته الخرطوم بأنه «إعلان حرب» سيواجَه إذا تمّت ترجمته إلى اعتداء على الأراضي السودانيّة.
وأشار محلّلون إلى أهمية الثروات النفطية في النزاع الدائر في البلاد، حيث رأى الباحث المتخصص في شؤون الاقتصاد الأفريقي فيليب اوغون، أن جزءاً من الإيرادات النفطية «حوّل وبُدّد في استثمارات للتسلّح وعمليات إثراء شخصية للمقرّبين من ديبي. والآن يريد المتمرّدون حصّتهم».
بدوره، رأى نقولا سركيس، من مجلة «البترول والغاز العربي» الفرنسية، أنّ النفط يؤدي دوراً «بالغ الأهمية» في النزاع، «لأنّ تشاد بلد فقير جداً وموارده محدودة للغاية»، فيما يُعدّ النفط «بالتأكيد المصدر الرئيسي لعائدات البلاد»، حيث يقدَّر احتياطه النفطي بـ1.5 مليار برميل من النفط الخام. ولفت سركيس إلى أنّ التمرّد الحاصل «قد يحظى بتشجيع من أولئك الذين يعملون في السودان، وخصوصاً من الصينيّين». وبرّر كلامه بالتذكير بأنّ الصين تعتمد في 30 في المئة من استهلاكها من النفط، على السودان، وترى أنّ الاستراتيجية الممكنة «على مدى طويل جدّاً تتمثل بأنّ تصدّر تشاد نفطها نحو المرافئ السودانية»، في الوقت الذي تعمل فيه الشركات الأميركية على مدّ أنابيب من تشاد إلى الكاميرون.
ميدانياً أفاد مصدر عسكري لوكالة «فرانس برس» رصد مئتي سيارة على الأقل للمتمرّدين، على بعد 400 كيلومتر شرقي العاصمة. وأشار إلى أنّ «الجيش لا يعرف ما إذا كانت التعزيزات قد نقلت إمدادات للعودة إلى العاصمة».
(أ ب، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)