strong>«واشنطن استغلّت المحادثات مع موسكو كغطاء استخباري ودبلوماسي لإمرار مخطّطاتها»
وضع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أول من أمس، «خريطة طريق» لاستراتيجية بلاده خلال العقد المقبل، ودعا في خطاب شامل إلى بناء «روسيا القوية»، متهماً حلف شمالي الأطلسي والولايات المتحدة «بإطلاق سباق تسلح جديد» يجبر موسكو على اتخاذ «خطوات تصعيدية».
ورأى المراقبون أن خطاب بوتين، الذي ألقاه أمام «مجلس الدولة» في موسكو، بمثابة «الخطاب الوداعي» لعهده قبل انتخاب رئيس جديد في الثاني من آذار المقبل. كذلك أشاروا إلى أنه حدد «خطة عمل» المرشّح لخلافته ديميتري ميدفيديف، الذي أعلن بدوره أول من أمس، أنه لن يصدر برنامجاً لأنه لن يختلف عن سياسة سابقه.
وافتتح الرئيس الروسي كلمته المتلفزة، بالحديث عن التطور الذي شهدته البلاد في عهده. وأشار إلى أن روسيا كانت تعاني في عام 2000 من «الانهيار الاقتصادي والمتمردين المنتشرين في كل أنحاء البلاد، فيما الكرملين كان خاضعاً لسيطرة كبار الرأسماليين». وأضاف «روسيا الغنية تحولت إلى بلد من المحرومين. في ظل هذه الظروف، بدأنا تطبيق برنامجنا لانتشال البلاد من الأزمة». وقال إن أهم ما تحقق هو «الاستقرار». وتابع «لقد عملنا بثبات على بناء نظام سياسي متين. واستطعنا أن نتخلص من ممارسة اتخاذ القرارات تحت تأثر الجماعات المالية والمسيطرين على الإعلام. لقد عدنا إلى الحلبة العالمية دولةً يحسب حسابها، تستطيع أن تدافع عن نفسها».
وأشاد سيد الكرملين بالنجاح الاقتصادي في بلاده، مشيراً إلى ضخامة الاستثمار، وإلى «خزينة الدولة التي امتلأت الآن»، وإلى النمو في الناتج القومي الذي فاق 8 في المئة سنوياً. وذكّر بأن روسيا «دخلت صفوف أكبر سبعة اقتصادات في العالم... وتم خفض الدين الخارجي إلى 3 في المئة من الناتج المحلي».
لكنه رأى أن الاقتصاد الروسي «لا يزال غير فعال»، حيث لم يتخلص بعد من «سيناريو التنمية الذي يعتمد على المواد الخام». وشدّد على أن «مهمة إنشاء قطاع طاقة حديث ليكون الأفضل في العالم، وبناء مؤسسات للاستخراج والتكرير تعتمد على التكنولوجيات العالية، تدخل ضمن أولوياتنا».
وتناول بوتين موضوع الديموقراطية، مؤكداً أنها تمثّل «حجر أساس في المجتمع الروسي».
ودعا الأحزاب «إلى إدراك مسؤوليتها الكبرى لمستقبل روسيا»، لكنه انتقد تلك التي «تلقّت أموالاً من حكومات أجنبية، وهي مذنبة بسلوكها غير الأخلاقي. ومسيئة للشعب الروسي». واتهم دولًا غربية لم يسمّها «بالتدخل في المنافسات السياسية المحلية، وهو أمر ليس غير أخلاقي فحسب، بل غير قانوني».
وفي السياسة الخارجية، هاجم بوتين حلف الأطلسي والولايات المتحدة بشدة. وأوضح أن «الأطلسي يتوسع. إنه يقترب من حدودنا. لقد فككنا قواعدنا في كوبا وفييتنام، وعلى ماذا حصلنا؟ على قواعد أميركية جديدة في رومانيا وبلغاريا، وعلى إدخال منطقة ثالثة في (مظلة) الدفاع الصاروخي (الأميركية) في بولندا وتشيكيا». ورأى أن واشنطن استغلّت المحادثات مع موسكو «كغطاء استخباري ودبلوماسي لإمرار مخططاتها».
وأضاف بوتين «من الواضح أنه تم إطلاق سباق تسلح جديد في العالم». وأكد «نحن مجبرون على اتخاذ خطوات تصعيدية». ودعا إلى صوغ استراتيجية جديدة للأمن القومي، مؤكداً «في المستقبل القريب، روسيا ستبدأ بإنتاج أنظمة تسليحية جديدة لن تكون أقل تطوراً، وفي بعض الحالات ستتفوق على ما تملكه دول أخرى».
وحذّر سيّد الكرملين من أن العديد من النزاعات الدولية «تفوح منها رائحة الغاز والنفط». وتابع «إن بلادنا غنية بالموارد الطبيعية، وهناك نوايا لإطلاق منافسة غير شريفة علينا والوصول إلى مواردنا الطبيعية».
وذكر المكتب الصحافي في الكرملين أن بوتين سيعقد مؤتمره الصحافي الأخير في 14 شباط الجاري.
(أ ب، رويترز، أ ف ب)