برلين ــ غسان أبو حمد
بعد تدهور شعبيته في انتخابات المقاطعات، عمد «الحزب المسيحي الديموقراطي» الألماني إلى محاولة احتواء الآثار الجانبية للحملات الانتخابية الأخيرة التي نظّمها بعض أعضائه، والتي استهدفت خصوصاً المهاجرين الأجانب.
وللغاية هذه، نظّمت مفوضة الحكومة لشؤون اللجوء والهجرة، ماريا بومر، لقاء بمسؤولي المنظمات والجمعيات الأجنبية في ألمانيا، حيث انتقدت الحملات الإعلانية العنصرية، إلا أنها وضعت تأخّر اندماج المهاجرين بالمجتمع الألماني على عاتق المهاجرين أنفسهم، مشيرة إلى أن «الجمعيات الأجنبية فشلت حتى الآن في تتفيذ برامج الدمج الاجتماعي التي صاغتها الحكومة الألمانية ومخططاتها».
واستفادت بومر من دراسة تحليلية موضوعية نشرتها مؤسسة «برتلسمان» للإحصاء في العشرين من الشهر الماضي، كشفت عن أن سوء تنفيذ المخططات المرسومة لتسهيل اندماج الأجانب يكلف خزينة الدولة الألمانية ما يقارب 16 مليار يورو سنوياً. ومن أسباب فشل الاندماج، بحسب المؤسسة، «عدم إتقان اللغة الألمانية بشكل كاف، والنقص في التدريب المهني».
إلا أن الجمعيات والروابط الأجنبية انتقدت التمييز في قوانين الهجرة، التي لا تشترط الإلمام باللغة الألمانية على بعض المهاجرين من دول أوروبا الشرقية. وأشار رئيس مجلس إحدى الروابط الأجنبية، يشار بيلجن، إلى أن «الأجانب ليسوا مادة ومواضيع اجتماعية تستخدمها الأحزاب الألمانية عندما تدعوها الحاجات والمستلزمات».
تجدر الإشارة إلى دور مميّز أدّته «رابطة المغتربين اللبنانيين» في ألمانيا، إذ تمكنت بعد مضي عام على تأسيسها قبل نحو عشر سنوات، من افتتاح مدرسة «الرابطة» للغة العربية في وسط برلين، وتضمّ في صفوفها أكثر من 120 طالباً وطالبة، ومثّلت عبر نهجها العلمي والعلماني، رداً على انتقادات الوكالة الألمانية للأنباء لبعض المدارس التي تعتمد نهجاً طائفياً وانعزالياً بسبب غياب رقابة الدولة الألمانية عن مناهجها.
ورفع مدير مدرسة «الرابطة» للغّة العربية في برلين، حسن حكم، خطة تمويل لشراء مبنى للمدرسة يسمح باستيعاب العدد الكبير من التلاميذ، وجرى عرضه ومناقشته في مجلس السفراء العرب في ألمانيا وعلى أبناء الجالية العربية.
من جهة ثانية، وفي سياق عمليات نهب القوى العاملة، يرسم الاتحاد الأوروبي خطة هدفها استقدام عشرين مليون عامل ماهر من أفريقيا والشرق الأوسط وفق نظام يطلق عليه «البلو كارد»، من أجل مواجهة المنافسة الأميركية في استقطاب الأيدي الماهرة، وألمانيا ستكون على رأس هذه الدول.
وإذا ما تحقق ذلك، فسيكون هذا المخطط ثورة في سياسة الهجرة الأوروبية. ولا ترى شروط الحصول على «البلو كارد» قاسية، فمن بينها مثلاً، بحسب صحيفة «فرانكفورتر ألغماينه»، أن يحصل العامل الأجنبي على أجر شهري يتجاوز متوسط الأجور. لكن من ناحية أخرى، يهدف هذا القرار إلى مكافحة الهجرة السرّية، وخصوصاً «قوارب الموت» المنطلقة من السواحل الأفريقية.
ويرى المفوض القضائي الأوروبي، فرانكو فراتيني، أن الهجرة يمكن أن تكون حلاًّ لمواجهة الشيخوخة السكانية التي تعانيها الكثير من دول أوروبا. ويقول: «علينا أن نجلب إلى أوروبا اليد العاملة التي نريدها، وخصوصاً إلى ألمانيا وإيطاليا والمجر، هذه الدول التي تعاني درجة شيخوخة كبيرة».