بعد سلسلة من التأجيلات امتدّت أسابيع، تمكّن النوّاب العراقيّون من إقرار رزمة قوانين تتضمّن موازنة عام 2008 والعفو العام ومجالس المحافظات دفعة واحدة، في خطوة تزامنت مع إعلان وزيرة الخارجية الأميركيّة كوندوليزا رايس ووزير الدفاع روبرت غيتس أنّ الاتفاقيّة المقرَّر توقيعها مع بغداد لن تتضمّن تعهّداً بالدفاع عن هذا البلد في وجه اعتداء خارجي.وجرت أمس مقايضة كبيرة في البرلمان العراقي، من شأنها إرضاء كلّ من أكراد البلاد، والطرف الشيعي الحاكم ممثَّلاً بالمجلس الإسلامي الأعلى، بالإضافة إلى تلبية مطلب رئيسي للسنّة العرب في جبهة التوافق العراقية. وتنفيذاً للاتفاق الذي أُبرم الأسبوع الماضي بين التحالف الكردستاني والمجلس الأعلى، أُقرَّت الموازنة العامّة للعام الجاري بإعطاء 17 في المئة من اعتماداتها إلى إقليم كردستان، في مقابل إقرار قانون المحافظات بما يُرضي الائتلاف الشيعي الحاكم، بالإضافة إلى إمرار قانون العفو العام الذي يمكن أن يؤدّي إلى الإفراج عن آلاف السجناء غير المحكوم عليهم بالإعدام، أو الذين أدينوا في أعمال قتل، وهو ما قد يمهّد لعودة قريبة لكتلة التوافق إلى الحكومة.
لكنّ جبهة التوافق رأت في قانون العفو «إقحاماً لموضوع إنساني نبيل في التسويات السياسية»، على حدّ تعبير النائب هاشم الطائي، الذي أوضح: «منذ دخولنا إلى مجلس النوّاب، نشهد صفقات داخله».
وأثار ربط قانون العفو عن المعتقلين، بقضايا خلافية داخل البرلمان، استياء الكثير من العراقيّين، ولا سيّما ذوي المعتقلين، الذين رأوا في هذا الربط «عملية مساومة لا إنسانية، وبعيدة كل البعد عن الأخلاقيات التي يفترض أن تتمتع بها الكتل السياسية التي تدّعي تمثيل الشعب».
في المقابل، أعلن مسؤولون أميركيّون أن القوانين التي أُقرّت أمس، ليست من ضمن القوانين الرئيسية التي تسعى بلادهم إلى إمرارها، إلاّ أنّ «قانون العفو العام سيشكّل مكوّناً مهمّاً للمصالحة» الوطنية.
وبعد يومين على إعلان وزير الخارجية الإيراني، منوشهر متكي، أن الجولة المقبلة من المحادثات الأميركية ــــ الإيرانية بشأن العراق ستُعقَد قريباً، أكّد مصدر مطّلع في طهران أنّها ستجري غداً على مستوى الخبراء في بغداد، قبل أ يعود مصدر أخر ليؤكّد لوكالة «فارس» إنّ الموعد غير دقيق. هذا وسيكون كلّ من متّكي ونظيرته الأميركيّة كوندوليزا رايس، على موعد مع اجتماع ثنائي محتَمَل في العاصمة الكويتيّة، التي ستستضيف اجتماع وزراء خارجيّة دول جوار العراق في نيسان المقبل؛ فمتّكي أعلن منذ فترة أنه سيشارك في اللقاء المرتَقَب، بينما رايس كشفت أمس عن قبولها الدعوة التي وُجّهَت إليها لحضور اللقاء.
من جهة أخرى، اختارت رايس وغيتس التعبير عن قرار بلادهما بشأن بقاء الاحتلال في بلاد الرافدين وتوقيع اتفاقية طويلة الأمد بين البلدين، صحيفة «واشنطن بوست»، حيث كتبا أنّ جيشهما سيبقى «إلى ما بعد تفويض الأمم المتحدة الحالي (الذي ينتهي في نهاية العام الجاري) من دون أن يؤدّي هذا الوجود المتواصل إلى تكبيل الرئيس الأميركي المستقبلي».
وأوضح الوزيران أنّهما يحترمان رغبة العراق بتوقيع «اتفاق يحدّد العلاقات بين دولتين ذاتَي سيادة لتطبيع العلاقات معنا».
وفي مقالتهما المشتركة، أشار غيتس ورايس إلى أنّ «لا شيء في المفاوضات سيفوّض استمرار العمليات القتالية أو بقاء القوّات، ولن يتطلّب أن تواصل وزارة الدفاع مهامها القتاليّة أو يلزمها الدفاع عن العراق ضدّ أي بلد أو يسمح بوجود قواعد أميركيّة دائمة». لكنّ المسؤولَين جزما بأنّ الاتفاق «لن يخضع لموافقة مجلس الشيوخ»، في ردٍّ على مطالبات الديموقراطيّين بإجراء مراجعة له من جانب الكونغرس.
إلى ذلك، أعلن مدير مكتب الصدر في محافظة البصرة، حارث العذاري، عن التوصّل إلى اتفاق مع خاطفي الصحافي البريطاني العامل في محطة «سي بي أس» الأميركيّة، بتلر ريتشارد، ومترجمه العراقي الذي أُفرِج أمس عنه بوساطة من التيار. وكان الرجلان قد اختُطفا يوم الأحد الماضي في البصرة، ووردت معلومات تؤكّد أنّ الإفراج عن ريتشارد سيحصل اليوم على أبعد تقدير.
(الأخبار، رويترز، يو بي آي، أ ف ب)