طوت كانبيرا أمس صفحة سوداء من تاريخها، مع اعتذارها رسمياً لسكان البلاد الأصليين عن الإساءة التاريخية التي انتُزع بمقتضاها أطفالهم من عائلاتهم لتنشئتهم وسط أسر للبيض، مستهلةً بذلك حقبة جديدة في العلاقات العرقية، وإن تبقى هذه الخطوة ناقصة ما لم تتوّج بدفع تعويضات إلى الضحايا.وقدم رئيس الوزراء الأوسترالي، كيفن رود، الاعتذار البرلماني لأعضاء «الأجيال المسروقة» من السكان الأصليين، منهياً بذلك انتظاراً دام 11 عاماً لمن يطلق عليهم اسم «الأجيال المسروقة»، بعيد ترديده كلمة «آسف» ثلاث مرات، معتذراً عن «الحزن والمعاناة» لمن تأثروا جرّاء سياسات الاستيعاب السابقة.
ومتابعة للاعتذار الرسمي، الذي بُث على شاشات عملاقة، احتشد أكثر من 7 آلاف شخص، في مشهد غير مسبوق، في الحدائق المحيطة بمبنى البرلمان الأوسترالي. وتعانق الآلاف من السكان الأصليين وبكوا، حين نطق رئيس الوزراء الأوسترالي بكلمة «آسف».
وقال شيخ «الأجيال المسروقة»، مارك بن باكار، لـ«رويترز»، «هذا يجعل المجتمع الأصلي يشعر، وللمرة الأولى منذ زمن طويل، بأنه بحق جزء من أوستراليا، وأن الأمة الأوسترالية كلها تحتضنه».
وفيما استبعد محامو رود التعويض، قال القادة الأصليون «إن الإجحاف الذي لحق بالآلاف في ظل السياسات السابقة لا يمكن إصلاحه تماماً، إلا بتعويض الضحايا الأطفال الذين أُخذوا من أحضان أمهاتهم من السكان الأصليين».
وقالت العضو في «تجمع الأجيال المسروقة»، لويتاجا دوناهيو ( 75 عاماً)، إن اعتذار الحكومة لسكان البلاد الأصليين «لا ينهي نضالها من أجل العدالة». وأضافت: «الأمر لم ينته، إنها البداية فقط، إن التحقيق في سياسات الاستيعاب الماضية في 1997 أوصى الحكومة بالتعويض، فضلاً عن الاعتذار».
بدوره، أشار زعيم السكان الأصليين، باتريك دودسون، الذي أصبح يعرف بـ«أبي المصالحة» بين البيض والسود في أوستراليا، إلى أن «الأجيال المسروقة تستحق التعويض على سوء المعاملة، وليس من الضروري أن يكون التعويض نقدياً».
إلى ذلك، أظهر تقرير صدر عام 1997 أن ما يتراوح بين واحد من ثلاثة وواحد من عشرة من أبناء السكان الأصليين أُخذوا من أهلهم بين عام 1910 وعام 1970، في إطار القوانين الاتحادية للدولة الأوسترالية، على أساس فرضية مفادها أن «السكان الأصليين كانوا يموتون».
ويمثّّل السكان الأصليون، وعددهم 460 ألف نسمة، اثنين في المئة من مجموع سكان أوستراليا البالغ 21 مليون نسمة. وترتفع وسطهم معدلات وفاة الأطفال والبطالة وعدد السجناء ومدمني المخدرات. وحاول عدد كبير من «الأجيال المسروقة» رفع دعوى على الحكومة لأخذهم من أسرهم، فحققت نجاحاً محدوداً، لصعوبة إثبات الحالات.
ويشار إلى أن الحكومة المحافظة السابقة، بقيادة جون هاوارد، رفضت الاعتذار، وعرضت الإدلاء ببيان يبدي الندم، بحجة أن الأجيال الحالية يجب ألا تتحمل وزر أعمال الحكومات السابقة.
في هذه الأثناء، كشف مصدر قضائي أوسترالي، أمس، عن إحباط تنفيذ عملية إرهابية في البلاد بهدف إجبار كانبيرا على سحب قواتها من العراق.
ونسبت صحيفة «هيرالد صن» الأوسترالية أمس إلى ممثل الادعاء العام، ريتشارد مايدمنت، قوله أمام إحدى محاكم ملبورن، التي تنظر في قضية قائد المجموعة الإسلامية المتشددة، عبد الناصر بن بريكة (47 عاماً)، «كانت المجموعة تنوي القيام بشيء كبير، من شأنه التسبب بموت ألف شخص عبر استخدام متفجرة».
وأوضح مايدمنت أن بن بريكة كان يعتقد بأنه «من أجل إجبار الحكومة الأوسترالية على سحب جنودها من العراق، كانت هناك حاجة لعملية كبيرة». وأشار إلى أنه «خطط لهجمات إرهابية أثناء مباريات كرة قدم أو في محطات للقطارات».
(أ ب، أ ف ب، يو بي آي، رويترز)