بغداد ـ زيد الزبيدي
جلسات أو «مباريات» مجلس النوّاب باتت تثير أعصاب العراقيّين. أُعلِن عن «الشوط الإضافي» حتى قبل انتهاء الشوط الأوّل في جلسة أول من أمس، حيث كانت المفاجأة: «الهدف الذهبي»، وإحراز ثلاث نقاط ثمينة للبرلمان دفعة واحدة، رغم اعتراض أجزاء واسعة من الشعب العراقي، الذي لم يسعفه احتجاجه على حُكّام المباريات في تغيير النتيجة.
هلّل البرلمانيّون، وسُمِحَ لهم بالاستمتاع بإجازتهم الفصليّة، بعد تحقيقهم الإنجاز والتصويت على ثلاثة قوانين مهمّة خلال جلسة واحدة قصيرة، بعدما عجزوا عن الاتفاق عليها على مدى أسابيع تخلّلتها فترات تمديد عديدة. إلاّ أن معظم العراقيين لم يعرفوا من القوانين التي تمّ التصويت عليها، سوى عناوينها الرئيسية الثلاث: «الموازنة، والمحافظات، والعفو»، من دون حتى إدراك لكيفيّة جمعها في سلّة واحدة.
فبعض الكتل السياسية ومنظّمات حقوق الإنسان، رأت في وضع قانون العفو العام عن المعتقلين في سلّة القوانين الأخرى، أمراً «بعيداً عن القيم الإنسانيّة التي خضعت للبيع والشراء»، شأنها شأن «المصالحة الوطنية».
والأمر الذي أثار استغراب بعض المراقبين، هو انسحاب كتلة التحالف الكردستاني من الجلسة عند مناقشة قانون العفو العام قبل التصويت عليه، وطلبها التصويت على مشروع الموازنة أوّلاً، وتأييد المجلس الإسلامي الأعلى لها.
كذلك الدمج بين مشروعَي المحافظات والموازنة غريب أيضاً، وليس له ما يبرّره، ولا سيما أنّ الإقليم الكردي غير مشمول بقانون المحافظات، لكنه طرح على المساومة إلى جانب قانون العفو للحصول على نسبة 17 في المئة من الموازنة، كأنّه إمرار لهذا المشروع من دون أيّة مناقشة لفقراته.
ويرى المراقبون أنّ موضوع الموازنة بالغ التعقيد، بل ويحتاج إلى الكثير من المناقشات والجلسات. ولا تمثّل حصّة إقليم كردستان سوى جزء بسيط منه. لكن الغريب يتمثّل في التركيز على هذا الجانب دون غيره، ووضع المسائل الأكثر أهمية وحساسية جانباً، وخصوصاً أنّ المسؤولين في إقليم كردستان، لم يقدّموا كشفاً عمّا أنفقوه من موازنة السنة السابقة والتي قبلها، إضافة إلى إيراداتهم التي يفترض أن تدخل ضمن الخزينة المركزيّة.
وسبق أن قدّم النائب المستقلّ مهدي الحافظ وآخرون، طرحاً يفيد بأن أي مناقشة للموازنة، يجب أن تقترن بمعرفة مصير موازنة السنة السابقة، والتي لا كشوفات عنها. كذلك لا أحد يعرف مصير الفروق التي دخلت الموازنة من جرّاء ارتفاع أسعار النفط، بينما يشير الواقع إلى عدم تنفيذ مشاريع حيوية ملحّة. فضلاً عن أنّ الوضع الخدماتي في حالة تدهور مستمرّ، وحتى الحصّة المقرّرة في البطاقة التموينيّة لم تصل إلى مستحقّيها.
ومع إقرار القوانين الثلاثة، برز تصويت الحزب الإسلامي عليها، خلافاً لقرار «جبهة التوافق العراقيّة»، في ظلّ مقاطعة 85 نائباً للجلسة، ينتمي معظمهم إلى الكتلة العربية للحوار الوطني برئاسة صالح المطلك، والتيار الصدري، ومجلس الحوار الوطني برئاسة خلف العليان، إضافة إلى عدد من أعضاء القائمة العراقيّة والمستقلّين.