strong>هدّد بتوجيه صواريخ روسيا إلى أوروبا... وأكّد رفض «الإملاءات الاستعمارية»
في ظلّ العلاقات المتوترة بين روسيا والعواصم الغربية التي تذكر بأجواء الحرب الباردة، رفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في مؤتمره الصحافي الأخير خلال ولايتيه الرئاسيتين، من حدّة نبرته تجاه واشنطن وأوروبا، مهدداً مجدّداً «بالصواريخ الروسية»، ومبدياً في الوقت نفسه رغبة موسكو في علاقات جيدة مع أندادها. وأكد رسمياً أنه سيتولى منصب رئاسة الوزراء في حكومة خلفه.
وأجاب بوتين، أمس، عن عشرات الأسئلة، في مؤتمر صحافي ماراتوني دام أكثر من أربع ساعات، بدأه بتعداد الإحصاءات الاقتصادية الإيجابية التي حققها عهده، مشيداً بالنجاح الذي لاقته بلاده، التي قال إنها «تتحول بثقة إلى واحد من أكبر الاقتصادات العالمية».
وتحدث عن الشركات الاستثمارية التابعة للدولة كعملاق الغاز الروسي «غازبروم»، ورأى أن هذه الشركات تظهر عندما «تكون هناك حاجة للدولة لاستثمار كبير وبعيد الأمد لمواردها، وعندما يكون القطاع الخاص غير جاهز بعد للاستثمار».
وأعرب الرئيس الروسي، أمام 1364 صحافياً، عن استعداده لتولي منصب رئيس الوزراء خلال عهد خليفته المتوقع ديميتري ميدفيديف. وأضاف «رئاسة الوزراء ليست منصباً تقليدياً». وأشار إلى خطة الدولة للتنمية التي تمتد حتى عام 2020، والتي حدد أهدافها بنفسه، معتبراً «إذا رأيت أن وجودي في هذا المنصب يتيح لي تحقيق هذه الأهداف، فسأبقى (رئيساً للوزراء) قدر المستطاع»، مؤكّداً أن هناك «كيمياء شخصية» بينه وبين مدفيديف وأنه «يثق به».
وفي السياسة الخارجية، انتقد بوتين محاولات استقلال كوسوفو عن صربيا، معتبراً أن «دعم إعلان استقلال كوسوفو من جانب واحد هو غير أخلاقي وغير شرعي». وهاجم الدول الأوروبية الداعمة لخطوة الإقليم، قائلاً إنها يجب أن تكون «خجلة» من «المعايير المزدوجة التي تعتمدها لحل المشاكل». وحذّر «لن نقلد سلوك الدول الغربية (عبر الاعتراف بالجمهوريات الانفصالية المؤيدة لروسيا في أوروبا الشرقية)، لكن حصول ذلك سيكون طبعاً إشارة لنا. سنردّ على هكذا تصرّف مع شركائنا بهدف حفظ أمننا. لدينا خطة جاهزة ونعلم ما سنقوم به».
ورداً على سؤال عن المخططات الأميركية لبناء منشآت الدرع الصاروخية في بولندا وتشيكيا، هدد سيّد الكرملين بأن موسكو ستردّ «بإعادة توجيه صواريخها باتجاه منظومة لسنا نحن من يقوم ببنائها». وأضاف «جنرالاتنا، ومجلس الأمن القومي يعتبرون هذه الخطوات تهديداً لأمننا القومي»، وتابع «إننا نحذر العالم بشكل مسبق: إذا أخذتم هذه الخطوة، فسنأخذ تلك الخطوة».
وهاجم بوتين أيضاً رفض الولايات المتحدة وحلف شمالي الأطلسي التصديق على معاهدة جديدة للحد من القوات التقليدية في أوروبا. وشبّه القيود التي تفرضها المعاهدة القديمة على روسيا «بالحالة التي يكون تحرّك الجيش الأميركي من كاليفورنيا إلى تكساس يتطلب موافقة روسية». وتابع بحزم «لن ننصاع بعد اليوم لأي إملاءات استعمارية».
كما انتقد الرئيس الروسي محاولات واشنطن وأوروبا «إيجاد خطوط نقل جديدة لموارد الطاقة، لا تمر عبر الأراضي الروسية، والضغط على الدول التي تمرّ بها الأنابيب». وتابع «أعتقد أن هذه سياسة غير صحيحة، غبية، ناهيك عن أنها غير مهنية». وتشكك في نجاح هذه السياسة، قائلاً إن «حلف الأطلسي يسعى للإجابة عن أسئلة متعلقة بتأمين الاستقلال في مجال الطاقة بطريقة معادية لروسيا. لماذا؟ هل خرقنا في يوم من الأيام واجباتنا؟ كلا». ودعا الدول الأوروبية إلى فتح اقتصادها أمام روسيا، بالتوازي مع السماح لكبرى شركات الطاقة الغربية بالعمل على الأراضي الروسية، قائلاً «نريدها أن تكون علاقة متساوية».
رغم كل ذلك، شدّد الرئيس الروسي على أن موسكو غير «مهتمة بحرب باردة. مهمتنا الأساسية هي تحقيق التنمية الداخلية، وإيجاد حلول للمشكلات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه البلد». وعبر عن استعداده للعمل «على بناء حوار إيجابي» مع من يربح الانتخابات الرئاسية المقبلة في واشنطن.
ونفى بوتين بحدّة الشائعات عن تراكم ثروته الشخصية خلال سنوات حكمه الثماني. وقال «إنني غنيّ لأن الشعب الروسي ائتمنني مرتين لقيادة بلد عظيم كروسيا. هذه هي ثروتي الأعظم».
وبعد انتهاء خطابه، ردّ المتحدث باسم حلف شمالي الأطلسي، جيمس أباتوري، على التهديدات الروسية. وقال «وحدها دول الحلف الأطلسي تقرر توسيع الحلف، وليس لأي دولة الحق بالنظر في هذا القرار».
إلى ذلك، أظهر استطلاع للرأي أن 80 في المئة من الناخبين الروس سيصوّتون لمصلحة ميدفيديف في الانتخابات الرئاسية المقررة في الثاني من آذار المقبل.
ونقلت وكالة الأنباء الروسية «نوفوستي» عن مدير مركز «يوري ليفادا التحليلي»، ليف غودكوف، قوله إن «الغالبية الساحقة من المواطنين الروس المصممين على الاشتراك في الاقتراع، يريدون منح أصواتهم إلى ميدفيديف». وأضاف أن 11 في المئة من الروس أيدوا زعيم الحزب الشيوعي غينادي زيوغانوف، في مقابل 9 في المئة لرئيس الحزب الليبرالي الديموقراطي اليميني فلاديمير جيرينوفسكي.
(أ ب، رويترز، د ب أ، أ ف ب)