بول أشقر
بعيداً عن عدسات آلات التصوير، استعادت كولومبيا، منذ بداية الأسبوع، سيناريو الإفراج عن دفعة جديدة من ثلاث رهائن «سياسية»، قررت منظمة «الفارك» الثورية الماركسية الإفراج عنهم لـ«دوافع صحية»، وتسليمهم، أسوة بالمرة الأولى، إلى الرئيس الفنزويلّي هوغو تشافيز

«من دون مقابل»، قررّت منظمة «الفارك» الثورية في كولومبيا الإفراج عن ثلاث رهائن سياسية (رجلان وامرأة) خطفتهم خلال حربها الضارية مع النظام الكولومبي.
وجاء القرار، الذي كان مرتقباً تنفيذه الاثنين، عشية التظاهرة العارمة المناوئة لأداء «الفارك»، والتي هزّت البلاد بضخامتها وتنوّعها.
لكن عملية التسليم تعثّرت، ما سمح لكل طرف برمي المسؤولية على الطرف الآخر؛ فمعاونو الرئيس تشافيز يؤكدون أن الجيش يضاعف عملياته العسكرية، ما يؤخّر انطلاق عملية الإفراج. لكن الجيش الكولومبي، في المقابل، أصدر بياناً رسمياً أكد فيه «أن الفارك لم تسلّم بعد الإحداثيات الجغرافية لتحديد منطقة التسلّم والتسليم».
وفي هذا الوقت الضائع، وأسوة بالمرة السابقة، لا يزال أهالي الرهائن ينتظرون في فنادق العاصمة الفنزويلّية كاراكاس.
وكان الرئيسان الفرنسي نيكولا ساركوزي والبرازيلي لولا دا سيلفا، قد اجتمعا الثلاثاء الماضي في بلدة صغيرة في مستعمرة غويانا الفرنسية، على الحدود مع البرازيل. وتصدّر جدول عمل القمة مواضيع مثل التعاون العسكري بين البلدين، إذ اقترحت فرنسا المساهمة في الغواصة النووية التي تنوي البرازيل بناءها، وأيضاً مسألة تسلل يد عاملة برازيلية غير مرخَّص لها إلى غويانا.
وأجمعت مصادر مطّلعة من الطرفين على أن موضوع رهائن كولومبيا كان ــــ إلى جانب العلاقات الثنائية ــــ الموضوع الأبرز في المحادثات، وأن الرئيسين اتفقا على تكثيف جهودهما في هذه المرحلة للتقريب بين الرئيسين الكولومبي الفارو أوريبي والفنزويلي تشافيز، كشرط ضروري لتوفير مقوّمات النجاح في أية وساطة في موضوع التبادل الإنساني.
وأكدت الأسبوعية الكولومبية «سيمانا» أن «الرئيسين البرازيلي والفرنسي يشعران بالعجلة نفسها الممزوجة بالحذر، لولا أنه يخشى أن يؤدي الخلاف بين فنزويلّا وكولومبيا إلى هدم كل التقارب الذي حصل بين الدول في أميركا الجنوبية وساركوزي، لأنه يحتاج إلى الإفراج عن إنغريد بيتانكور في محاولة للجم تدهور شعبيته».
وفي السياق نفسه، أعلن رئيس الإكوادور، رافائيل كوريا، أن مجموعة من ممثّلي دول أميركا الجنوبية تعمل بعيداً عن الأضواء لإنجاح التبادل الإنساني.
وفي خطوة فاجأت المراقبين بتوقيتها، قرّر أكبر حزب في الائتلاف الذي يؤيّد الرئيس أوريبي، إطلاق حملة شعبية لتعديل الدستور أو إجراء استفتاء يُجيز له الترشُّح لولاية ثالثة. مع العلم أن أوريبي كان قد عدَّل الدستور خلال ولايته الأولى للترشُّح لولاية ثانية.
ولاحظ مراقبون أن مبادرة التبادل قد صدرت بعد يومين فقط من نجاح التظاهرة المعادية للفارك، التي هزّت كولومبيا، كأن الغاية من التوقيت توظيفها في مسألة التجديد. بيد أن الشباب الذين نظّموا التظاهرة رفضوا «أي استغلال سياسي» لتحركهم.